حتى يصير به إلى الجنة، عن قتادة. وقيل: أراد به شياطين الإنس نحو علماء السوء، ورؤساء الضلالة، يصدونهم عن سبيل الله فيتبعونهم.
(وإنهم) يعني: وإن الشياطين. وإنما جمع، لأن قوله: (ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا) في مذهب جمع، وإن كان اللفظ على الواحد.
(ليصدونهم) أي يصرفون هؤلاء الكفار (عن السبيل) أي عن طريق الجنة (1) (ويحسبون أنهم مهتدون) أي ويحسب الكفار أنهم على الهدى فيتبعونهم. (حتى إذا جاءنا) من قرأ على التثنية فالمعنى: جاءنا الشيطان، ومن أغواه يوم القيامة الذي يتولى سبحانه حساب الخلق فيه. ومن قرأ على التوحيد فالمعنى: حتى إذا جاءنا الكافر، وعلم ما يستحقه من العقاب. (قال) في ذلك الوقت لقرينه الذي أغواه (يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين) يعني المشرق والمغرب، فغلب أحدهما كما قال الشاعر.
أخذنا بآفاق السماء عليكم، لنا قمراها، والنجوم الطوالع يعني: الشمس والقمر. وقيل: يعني محمدا صلى الله عليه وآله وسلم وإبراهيم عليه السلام. وقيل:
أراد بالمشرقين مشرق الشتاء ومشرق الصيف، كما في قوله (رب المشرقين) والمراد: يا ليت بيني وبينك هذا البعد مسافة فلم أرك، ولا اغتررت بك. (فبئس القرين) كنت لي في الدنيا حيث أضللتني وأوردتني النار، وبئس القرين أنت لي اليوم. فإنهما يكونان مشدودين في سلسلة واحدة زيادة عقوبة وغم، عن ابن عباس.
ويقول الله سبحانه في ذلك اليوم للكفار: (ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون) أي لا يخفف الاشتراك عنكم شيئا من العذاب، لأن لكل واحد من الكفار والشياطين الحظ الأوفر من العذاب. وقيل: معناه أنه لا تسلي لهم عما هم فيه بما يرونه بغيرهم من العذاب، لأنه قد يتسلى الانسان عن المحنة إذا رأى أن عدوه في مثلها. ثم قال لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم: (أفأنت تسمع الصم أو تهدي العمي) شبه الكفار في عدم انتفاعهم بما يسمعونه ويرونه بالصم والعمي. (ومن كان في ضلال مبين) أي بين ظاهر مضاف (2) معناه: لا يضيقن صدرك، فإنك لا تقدر على إكراههم على الإيمان.