صددت الكأس عنا أم عمرو، * وكان الكأس مجراها اليمينا (1) وصدوا عن سبيل الله. فمن ذهب في يصدون إلى معنى يعدلون، كان المعنى إذا قومك منه أي من أجل المثل يصدون. ولم يوصل يصدون بعن. ومن قال يصدون يضجون، جعل من متصلة بيضج، كما تقول: يضج من كذا. وقال بعض المفسرين: معنى يصدون يضجون. والمعنى أنه لما نزل (إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم) الآية. لأنها اتخذت آلهة وعبدت، فعيسى في حكمهم قال:
(ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك) في هذا الذي قالوه منه يضحكون لما أتوا به من عندهم، من تسويتهم بين عيسى، وبين آلهتهم، وما ضربوه إلا إرادة للمجادلة لأنهم قد علموا أن المراد بحصب جهنم ما اتخذوا من الموات.
اللغة. يقال: آسفه فأسف يأسف أسفا أي: أغضبه فغضب، وأحزنه فحزن.
ويقال: الأسف الغيظ من المغتم، إلا أنه ههنا بمعنى الغضب، والسلف: المتقدم على غيره قبل مجئ وقته. ومنه السلف في البيع. والسلف: نقيض الخلف.
والجدل: مقابلة الحجة بالحجة. وقيل: الجدل اللدد في الخصام، وأصله من جدل الحبل وهو شدة فتله. ورجل مجدول الخلق أي شديده. وقيل: أصله من الجدالة، وهي الأرض، كأن كل واحد من الخصمين يروم إلقاء صاحبه على الجدالة.
المعنى: ثم أخبر سبحانه عن انتقامه من فرعون وقومه فقال: (فلما آسفونا) أي أغضبونا، عن ابن عباس ومجاهد. وغضب الله سبحانه على العصاة إرادة عقوبتهم، ورضاه عن المطيعين. إرادة ثوابهم الذي يستحقونه على طاعتهم. وقيل:
معناه آسفوا رسلنا لأن الأسف بمعنى الحزن لا يجوز على الله سبحانه. (انتقمنا منهم) أي انتقمنا لأوليائنا منهم (فأغرقناهم أجمعين) ما نجا منهم أحد.
(فجعلناهم سلفا) أي متقدمين إلى النار (ومثلا) أي عبرة وموعظة (للآخرين) أي لمن جاء بعدهم يتعظون بهم. والمعنى: إن حال غيرهم يشبه حالهم إذ أقاموا على العصيان.