ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون [39] * أفأنت تسمع الصم أو تهدي العمي ومن كان في ضلال مبين [40] *.
القراءة: قرأ عاصم في رواية حماد ويعقوب: (يقيض) بالياء. والباقون:
(نقيض) بالنون. وقرأ أهل العراق، غير أبي بكر. (حتى إذا جاءنا) على الواحد. والباقون: (جاءانا) على الاثنين.
الحجة: من قرأ (يقيض) بالياء فالضمير يعود إلى (الرحمن). ومن قرأ بالنون فالمعنى على ذلك، لكنه سبحانه أخبر عن نفسه بنون العظمة. ومن قرأ (جاءانا) على التثنية فهو الكافر وقرينه. ومن قرأ (جاءنا) فهو الكافر، لأنه أفرد بالخطاب في الدنيا، وأقيمت عليه الحجة بإنفاذ الرسول إليه، فاجتزئ بالواحد عن الاثنين كما قال: (لينبذن في الحطمة)، والمراد: لينبذن هو وماله.
اللغة: العشو: أصله النظر ببصر ضعيف. يقال: عشى يعشو عشوا وعشوا، إذا ضعف بصره، وأظلمت عينه، كان عليها غشاوة. وقال الأعشى:
متى تأته، تعشو إلى ضوء ناره، تجد خير نار عندها خير موقد وإذا ذهب البصر قيل: عشي يعشى عشا، والرجل أعشى. وقرأ في الشواذ (ومن يعش) بفتح الشين ومعناه: يعم. ويقال: عشى إلى النار إذا أتاها وقصد لها. وعشى عنها إذا أعرض عنها قاصدا لغيرها، كقولهم: مال إليه، ومال عنه.
والتقييض: الإتاحة. الأزهري. قيض الله فلانا لفلان: جاء به.
المعنى: لما تقدم ذكر الوعد للمتقين، عقبه بذكر الوعيد لمن هو على ضد صفتهم فقال: (ومن يعش عن ذكر الرحمن) أي يعرض عنه، عن قتادة والسدي.
وقيل: معناه ومن يعم عنه، عن ابن عباس وابن زيد. قال الجبائي: شبههم بالأعمى لما لم يبصروا الحق. والذكر هو القرآن. وقيل: هو الآيات والأدلة. (نقيض له شيطانا فهو له قرين) أي نخل بينه وبين الشيطان الذي يغويه، ويدعوه إلى الضلالة، فيصير قرينه عوضا عن ذكر الله، عن الحسن وأبي مسلم، قال الحسن: وهو الخذلان عقوبة أحد عن الإعراض حين علم أنه لا يفلح. وقيل: معناه نقرن به شيطانا في الآخرة، يلزمه فيذهب به إلى النار، كما أن المؤمن يقرن به ملك، فلا يفارقه