المعنى: (قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها) أي تراجعك في أمر زوجها عن أبي العالية (وتشتكي إلى الله) وتظهر شكواها، وما بها من المكروه.
فتقول: اللهم إنك تعلم حالي، فارحمني، فإن لي صبية صغارا إن ضممتهم إليه ضاعوا، وإن ضممتهم إلي جاعوا. (والله يسمع تحاوركما) أي تخاطبكما، ومراجعتكما الكلام (إن الله سميع بصير) أي يسمع المسموعات، ويرى المرئيات، والسميع البصير من هو على حالة يجب لأجلها أن يسمع المسموعات، ويبصر المبصرات إذا وجدتا، وذلك يرجع إلى كونه حيا لا آفة به.
ثم قال سبحانه يذم الظهار: (الذين يظاهرون منكم من نسائهم) أي يقولون لهن: أنتن كظهور أمهاتنا (ما هن أمهاتهم) أي ما اللواتي تجعلونهن من الزوجات كالأمهات بأمهات. أي لسن بأمهاتهم (إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم) أي ما أمهاتهم إلا الوالدات (وإنهم) يعني المظاهرين (ليقولون منكرا من القول) لا يعرف في الشرع (وزورا) أي كذبا لأن المظاهر إذا جعل ظهر امرأته كظهر أمه، وليست كذلك، كان كاذبا (وإن الله لعفو غفور) عفا عنهم، وغفر لهم، وأمرهم بالكفارة.
ثم بين سبحانه حكم الظهار فقال: (والذين يظاهرون من نسائهم) يعني الذين يقولون القول الذي حكيناه. (ثم يعودون لما قالوا) اختلف المفسرون والفقهاء في معنى العود هنا، فقيل: إنه العزم على وطئها، عن قتادة، وهو مذهب مالك، وأبي حنيفة. وقيل: العود هو أن يمسكها بالعقد، ولا يتبع الظهار بطلاق، وذلك أنه إذا ظاهر منها، فقد قصد التحريم. فإن وصل ذلك بالطلاق، فقد جرى على ما ابتدأه، ولا كفارة، وإذا سكت عن الطلاق بعد الظهار زمانا يمكنه أن يطلق فيه، فذلك الندم منه على ما ابتدأه، وهو عود إلى ما كان عليه، فحينئذ تجب الكفارة، وهو مذهب الشافعي. واستدل على ذلك بما روي عن ابن عباس أنه فسر العود في الآية بالندم.
فقال: يندمون ويرجعون إلى الإلفة. وقال الفراء: يعودون لما قالوا، وإلى ما قالوا، وفيما قالوا: معناه: يرجعون عما قالوا، يقال: عاد لما فعل أي: نقض ما فعل.
ويجوز أن يقال: عاد لما فعل يريد فعله مرة أخرى. وقيل: إن العود هو أن يكرر لفظ الظهار، عن أبي العالية، وهو مذهب أهل الظاهر، واحتجوا بأن ظاهر لفظ العود يدل على تكرير القول.
قال أبو علي الفارسي: ليس في هذا ظاهر، كما ادعوا، لأن العود قد يكون