الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأمرهم أن لا يتناجوا دون المسلمين، فلم ينتهوا عن ذلك وعادوا إلى مناجاتهم، فنزلت الآية.
المعنى: ثم بين سبحانه وقت ذلك العذاب فقال: (يوم يبعثهم الله جميعا) أي يحشرهم إلى أرض المحشر، ويعيدهم أحياء (فينبئهم بما عملوا) أي يخبرهم، ويعلمهم بما عملوه من المعاصي في دار الدنيا (أحصاه الله) عليهم، وأثبته في كتاب أعمالهم (ونسوه والله على كل شئ شهيد) معناه: إنه يعلم الأشياء كلها من جميع وجوهها، لا يخفى عليه شئ منها. ومنه قوله: (شهد الله أنه لا إلا إلا هو) أي علم الله. ثم بين سبحانه أنه يعلم ما يكون في العالم فقال: (ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض) يعني جميع المعلومات، والخطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، والمراد جميع المكلفين، وهو استفهام معناه التقرير أي: ألم تعلم. وقيل: ألم تر إلى الدلالات المرئية من صنعته الدالة على أنه عالم بجميع المعلومات. (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم) بالعلم. يعني أن نجواهم معلومة عنده كما تكون معلومة عند الرابع الذي هو معهم. وقيل: السرار ما كان بين اثنين. والنجوى: ما كان بين ثلاثة. وقال بعضهم: النجوى كل حديث كان سرا، أو علانية، وهو اسم للشئ الذي يتناجى به.
(ولا خمسة إلا هو سادسهم) أي ولا يتناجى خمسة إلا وهو عالم بسرهم، كسادس معهم. (ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا) المعنى: إنه عالم بأحوالهم، وجميع متصرفاتهم، فرادى وعند الاجتماع، لا يخفى عليه شئ منها. فكأنما هو معهم، ومشاهد لهم. وعلى هذا يقال: إن الله مع الانسان حيثما كان، لأنه إذا كان عالما به، لا يخفى عليه شئ من أمره، حسن هذا الإطلاق لما فيه من البيان. فاما أن يكون معهم على طريق المجاورة، فذلك محال، لأنه من صفات الأجسام. وقد دلت الأدلة على أنه ليس بصفات الأجسام.
(ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة) أي يخبرهم بأعمالهم (إن الله بكل شئ عليم) لا يخفى عليه خافية (ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى) أي: ألم تعلم حال الذين نهوا عن المناجاة، وأسرار الكلام بينهم دون المسلمين، بما يغم المسلمين ويحزنهم، وهم اليهود والمنافقون (ثم يعودون لما نهوا عنه) يعني إلى ما نهوا عنه أي: يرجعون إلى المناجاة بعد النهي (ويتناجون بالإثم والعدوان) في