وقيل: معناه يا أيها الذين آمنوا ظاهرا، آمنوا باطنا (يؤتكم كفلين) أي يؤتكم نصيبين (من رحمته) نصيبا لإيمانكم بمن تقدم من الأنبياء، ونصيبا لإيمانكم بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم، عن ابن عباس. (ويجعل لكم نورا تمشون به) أي هدى تهتدون به، عن مجاهد. وقيل. النور القرآن، وفيه الأدلة على كل حق، والبيان لكل خير، وبه يستحق الضياء الذي يمشي به يوم القيامة، عن ابن عباس.
(ويغفر لكم) أي ويستر عليكم ذنوبكم (والله غفور رحيم) قال سعيد بن جبير: بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جعفرا في سبعين راكبا إلى النجاشي، يدعوه. فقدم عليه ودعاه، فاستجاب له وآمن به. فلما كان عند انصرافه قال ناس ممن امن به من أهل مملكته، وهم أربعون رجلا: إئذن لنا فنأتي هذا النبي، فنسلم (1) به. فقدموا مع جعفر. فلما رأوا ما بالمسلمين من الخصاصة، استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقالوا: يا نبي الله! إن لنا أموالا، ونحن نرى ما بالمسلمين من الخصاصة، فإن أذنت لنا انصرفنا فجئنا بأموالنا، فواسينا المسلمين بها. فأذن لهم فانصرفوا. فأتوا بأموالهم فواسوا بها المسلمين. فأنزل الله فيهم: (الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون) إلى قوله (ومما رزقناهم ينفقون) فكانت النفقة التي واسوا بها المسلمين. فلما سمع أهل الكتاب ممن لم يؤمن به قوله: (أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا) فخروا على المسلمين، فقالوا: يا معشر المسلمين! أما من آمن بكتابكم وكتابنا، فله أجران، ومن آمن منا بكتابنا، فله أجر كأجوركم، فما فضلكم علينا؟ فنزل قوله: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله) الآية، فجعل لهم أجرين، وزادهم النور والمغفرة.
ثم قال: (لئلا يعلم أهل الكتاب) وقال الكلبي: كان هؤلاء أربعة وعشرين رجلا، قدموا من اليمن على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو بمكة، لم يكونوا يهودا ولا نصارى، وكانوا على دين الأنبياء، فأسلموا فقال لهم أبو جهل: بئس القوم أنتم، والوفد لقومكم! فردوا عليه. (وما لنا لا نؤمن بالله) الآية. فجعل الله لهم ولمؤمني أهل الكتاب عبد الله بن سلام، وأصحابه، أجرين اثنين، فجعلوا يفخرون على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويقولون: نحن أفضل منكم، لنا أجران، ولكم أجر واحد. فنزل (لئلا يعلم أهل الكتاب) إلى آخر السورة. وروي عن رسول