آباؤنا الأولون (48) قل إن الأولين والآخرين (49) لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم (50) ثم إنكم أيها الضالون المكذبون (51) لآكلون من شجر من زقوم (52) فمالئون منها البطون (53) فشاربون عليه من الحميم (54) فشاربون شرب الهيم (55) هذا نزلهم يوم الدين (56) القراءة: قرأ ابن عامر: (أإذا متنا) بهمزتين: (أئنا لمبعوثون) بهمزتين أيضا، ولم يجمع بين استفهامين إلا في هذا الموضع من القرآن. وقد ذكرنا مذهب غيره من القراء فيما تقدم. ومذهبه أيضا في أمثاله. وقرأ أهل المدينة وعاصم وحمزة: (شرب الهيم) بضم الشين. والباقون بفتحها.
الحجة: قال أبو علي: إن ألحق ألف الاستفهام في قوله: (أئنا) أو لم تلحق، كان إذا متعلقا بشئ دل عليه قوله: (أإنا لمبعوثون). ألا ترى أن (إذا) ظرف من الزمان، فلا بد له من فعل، أو معنى فعل يتعلق به، ولا يجوز أن يتعلق بقوله (متنا) لأنه مضاف إليه. والمضاف إليه لا يعمل في المضاف، وإذا لم يجز حمله على هذا الفعل، ولا على ما بعد إن، من حيث لم يعمل ما بعد إن فيما قبلها، كما لا يعمل ما بعد لا فيما قبلها. فكذلك لا يجوز أن يعمل ما بعد الاستفهام فيما قبله، علمت أنه يتعلق بشئ دل عليه قوله (أئنا لمبعوثون)، وذلك نحشر، أو نبعث، ونحوهما مما يدل عليه هذا الكلام. وأما الشرب فهو نحو الأكل والضرب والشرب كالشغل والنكر. وأما الشرب فالمشروب كالطحن، ونحوه. وقد يكون الشرب: جمع شارب مثل راكب وركب، وتاجر وتجر، وراجل ورجل.
اللغة: السموم: الريح الحارة التي تدخل في مسام البدن. ومسام البدن خروقه. ومنه أخذ السم الذي يدخل في المسام. واليحموم: الأسود الشديد السواد باحتراق النار، وهو يفعول من الحم، وهو الشحم المسود باحتراق النار. يقال:
حممت الرجل إذا سخمت وجهه بالفحم. والمترف: الممتنع من أداء الواجبات طلبا للترفة، وهي الرفاهية، والنعمة. والحنث: نقض العهد المؤكد بالحلف. والهيم:
الإبل العطاش التي لا تروى من الماء لداء يصيبها. والواحد أهيم، والأنثى هيماء.
المعنى: ثم ذكر سبحانه أصحاب الشمال فقال: (وأصحاب الشمال ما