عقبه بقوله (إنا أنشأناهن إنشاء) ويقال لامرأة الرجل: هي فراشه، ومنه قول النبي:
(الولد للفراش، وللعاهر الحجر). (إنا أنشأناهن إنشاء) أي خلقناهن خلقا جديدا.
قال ابن عباس: يعني النساء الآدميات. والعجز: الشمط. يقول. خلقتهن بعد الكبر والهرم في الدنيا، خلقا اخر. وقيل: معناه أنشأنا الحور العين، كما هن عليه على هيئاتهن، لم ينتقلن من حال إلى حال، كما يكون في الدنيا.
(فجعلناهن أبكارا) أي عذارى، عن الضحاك. وقيل: لا يأتيهن أزواجهن إلا وجدوهن أبكارا. (عربا) أي: متحننات على أزواجهن، متحببات إليهم.
وقيل: عاشقات لأزواجهن، عن ابن عباس. وقيل: العروب اللعوب مع زوجها انسا به، كأنس العرب بكلام العربي. (أترابا) أي متشابهات مستويات في السن، عن ابن عباس وقتادة، ومجاهد. وقيل: أمثال أزواجهن في السن.
(لأصحاب اليمين) أي هذا الذي ذكرناه لأصحاب اليمين جزاء وثوابا على طاعاتهم. (ثلة من الأولين وثلة من الأخرين) أي: جماعة من الأمم الماضية التي كانت قبل هذه الأمة، وجماعة من مؤمني هذه الأمة. قال الحسن: سابقو الأمم الماضية أكثر من سابقي هذه الأمة، وتابعو الأمم الماضية مثل تابعي هذه الأمة. إن أصحاب اليمين منهم مثل أصحاب اليمين منا، وإنما نكر سبحانه الثلة، ليدل على أنه ليس لجميع الأولين والآخرين، وإنما هو لجماعة منهم، كما يقال: رجل من جملة الرجال. وهذا الذي ذكرناه قول مقاتل وعطاء وجماعة من المفسرين. وذهب جماعة منهم أن الثلتين جميعا من هذه الأمة، وهو قول مجاهد والضحاك، واختيار الزجاج. وروي ذلك مرفوعا عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: (جميع الثلتين من أمتي).
ومما يؤيد القول الأول، ويعضده من طريق الرواية، ما رواه نقلة الأخبار بالإسناد عن ابن مسعود قال: تحدثنا عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليلة حتى أكثرنا الحديث، ثم رجعنا إلى أهلنا. فلما أصبحنا غدونا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: عرضت علي الأنبياء الليلة بأتباعها من أممها، فكان النبي تجئ معه الثلة من أمته، والنبي معه العصابة من أمته، والنبي معه النفر من أمته، والنبي معه الرجل (1) من أمته، والنبي ما