يعرفون ذلك، فإن عامة أشجارهم أم غيلان ذات أنوار ورائحة طيبة. وروت العامة عن علي عليه السلام أنه قرأ عنده رجل (وطلح منضود) فقال: ما شان الطلح؟ إنما هو وطلع كقوله.: (ونخل طلعها هضيم) فقيل له: ألا تغيره؟ فقال: إن القرآن لا يهاج اليوم، ولا يحرك. رواه عنه ابنه الحسن، وقيس بن سعد (1)، ورواه أصحابنا عن يعقوب بن شعيب قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام (وطلح منضود) قال: لا (وطلع منضود)، والمنضود: الذي نضد بعضه على بعض، نضد بالحمل من أوله إلى آخره، فليست له سوق بارزة، فمن عروقه إلى أفنانه ثمر كله. (وظل ممدود) أي دائم لا تنسخه الشمس، فهو باق لا يزول. والعرب تقول لكل شئ طويل لا ينقطع: ممدود. قال لبيد:
غلب البقاء، وكان غير مغلب، * دهر طويل ذائم، ممدود وقد ورد في الخبر أن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة سنة لا يقطعها، اقرؤا إن شئتم (وظل ممدود). وروي أيضا أن أوقات الجنة كغدوات الصيف، لا يكون فيه حر، ولا برد. (وماء مسكوب) أي مصبوب يجري الليل والنهار، ولا ينقطع عنهم، فهو مسكوب بسكب الله إياه في مجاريه. وقيل: مسكوب مصبوب على الخمر، ليشرب بالمزاج. وقيل: مسكوب يجري دائما في غير أخدود، عن سفيان وجماعة. وقيل: مسكوب ليشرب على ما يرى من حسنه وصفائه، لا يحتاجون إلى تعب في استقائه.
(وفاكهة كثيرة) أي وثمار مختلفة كثيرة، غير قليلة. والوجه في تكرير ذكر الفاكهة: البيان عن اختلاف صفاتها، فذكرت أولا بأنها متخيرة، وذكرت هنا بأنها كثيرة. ثم وصفت بقوله: (لا مقطوعة ولا ممنوعة) أي لا تنقطع كما تنقطع فواكه الدنيا في الشتاء، وفي أوقات مخصوصة، ولا تمتنع ببعد متناول، أو شوك يؤذي اليد، كما يكون ذلك في الدنيا. وقيل: إنها غير مقطوعة بالأزمان، ولا ممنوعة بالأثمان، لا يتوصل إليها إلا بالثمن. (وفرش مرفوعة) أي بسط عالية كما يقال:
بناء مرفوع. وقيل: مرفوع بعضها فوق بعض، عن الحسن، والفراء. وقيل: معناه ونساء مرتفعات القدر في عقولهن وحسنهن وكمالهن، عن الجبائي، قال: ولذلك