المعنى: ثم أخبر سبحانه أنه (يطوف عليهم ولدان) أي وصفاء وغلمان للخدمة (مخلدون) أي باقون لا يموتون، ولا يهرمون، ولا يتغيرون، عن مجاهد.
وقيل: مقرطون. والخلد: القرط. يقال: خلد جاريته إذا حلاها بالقرطة، عن سعيد بن جبير والفراء. واختلف في هذه الولدان فقيل: إنهم أولاد أهل الدنيا، لم يكن لهم حسنات فيثابوا عليها، ولا سيئات فيعاقبوا (1)، فأنزلوا هذه المنزلة، عن علي عليه السلام والحسن. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه سئل عن أطفال المشركين فقال:
(هم خدم أهل الجنة). وقيل: بل هم من خدم الجنة على صورة الولدان، خلقوا لخدمة أهل الجنة.
(بأكواب) وهي القداح الواسعة الرؤوس، لا خراطيم لها، عن قتادة (وأباريق) وهي التي لها خراطيم وعرى، وهو الذي يبرق من صفاء لونه. (وكأس من معين) أي ويطوفون أيضا عليهم بكأس خمر معين أي: ظاهر للعيون جار. (لا يصدعون عنها) أي لا يأخذهم من شربها صداع. وقيل: لا يتفرقون عنها. (ولا ينزفون) أي لا تنزف عقولهم بمعنى: لا تذهب بالسكر، عن مجاهد وقتادة والضحاك. ومن قرأ (ينزفون) حمله على أنه لا تفنى خمرهم. (وفاكهة مما يتخيرون) أي: ويطوفون عليهم بفاكهة مما يختارونه ويشتهونه. يقال: تخيرت الشئ أخذت خيره. (ولحم طير مما يشتهون) أي: وبلحم طير مما يتمنون، فإن أهل الجنة إذا اشتهوا لحم الطير، خلق الله سبحانه لهم الطير نضيجا، حتى لا يحتاج إلى ذبح الطير وإيلامه. قال ابن عباس يخطر على قلبه الطير، فيصير (2) ممثلا بين يديه على ما اشتهى. (وحور عين) قد مر بيانه (كأمثال اللؤلؤ المكنون) أي الدر المصون المخزون في الصدف، لم تمسه الأيدي. قال عمر بن أبي ربيعة:
وهي زهراء مثل لؤلؤة ألغوا * ص، ميزت من جوهر مكنون (جزاء بما كانوا يعملون) أي: نفعل ذلك لجزاء أعمالهم وطاعاتهم التي عملوها في دار التكليف الدنيا. (لا يسمعون فيها) أي في الجنة (لغوا) أي ما لا فائدة فيه من الكلام، لأن كل ما يتكلمون به فيه فائدة (ولا تأثيما) أي لا يقول بعضهم لبعض: أثمت، لأنهم لا يتكلمون بما فيه إثم، عن ابن عباس. وقيل: