مقامه بين يدي ربه للحساب، فترك المعصية والشهوة. قال مجاهد: وهو الذي يهم بالمعصية، فيذكر الله تعالى فيدعها. وقيل: هذا لمن راقب الله تعالى في السر والعلانية، جملة، فما عرض له من محرم تركه من خشية الله، وما عرض له من خير عمله وأفضى به إلى الله تعالى، لا يطلع عليه أحد. وقال الصادق عليه السلام: من علم أن الله يراه، ويسمع ما يقول، من خير وشر، فيحجزه ذلك عن القبيح من الاعمال.
فله (جنتان) أي جنة عدن، وجنة النعيم، عن مقاتل. وقيل: بستانان من بساتين الجنة: إحداهما داخل القصر، والأخرى خارج القصر، كما يشتهي الانسان في الدنيا. وقيل: إحدى الجنتين منزله، والأخرى منزل أزواجه وخدمه، عن الجبائي.
وقيل: جنة من ذهب، وجنة من فضة.
ثم وصف الجنتين فقال: (ذواتا أفنان) أي ذواتا ألوان من النعيم، عن ابن عباس. وقيل: ذواتا ألوان من الفواكه، عن الضحاك. وقيل: ذواتا أغصان، عن الأخفش والجبائي ومجاهد أي: ذواتا أشجار، لان الأغصان لا تكون إلا من الشجر.
فدل بكثرة أغصانها على كثرة أشجارها، وبكثرة أشجارها على تمام حالها، وكثرة ثمارها، لان البستان إنما يكمل بكثرة الأشجار. والأشجار لا تحسن إلا بكثرة الأغصان.
(فيهما عينان تجريان) أي: في الجنتين عينان من الماء تجريان بين أشجارهما. وقيل: عينان إحداهما السلسبيل، والأخرى التسنيم، عن الحسن.
وقيل: إحداهما من ماء غير آسن، والأخرى من خمر لذة للشاربين، عن عطية العوفي. (فيهما من كل فكهة زوجان) أي: في كلتا الجنتين من كل ثمرة نوعان، وضربان متشاكلان، كتشاكل الذكر والأنثى. فلذلك سماهما زوجين، وذلك كالرطب واليابس من العنب والزبيب، والرطب واليابس من التين، وكذلك سائر الأنواع لا يقصر يابسه عن رطبه في الفضل والطيب. وقيل: معناه فيهما من كل نوع من الفاكهة ضربان، ضرب معروف، وضرب من شكله غريب، لم يعرفوه في الدنيا.
(متكئين) حال ممن ذكروا في قوله: (ولمن خاف مقام ربه) أي قاعدين كالملوك (على فرش بطائنها من إستبرق) أي من ديباج غليظ. ذكر البطانة، ولم يذكر الظهارة، لان البطانة تدل على أن لها ظهارة، والبطانة دون الظهارة. فدل على أن الظهارة فوق الإستبرق. وقيل: إن الظهائر من سندس، وهو الديباج الرقيق،