وروى العياشي بالإسناد عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له:
جعلت فداك أخبرني عن الرجل المؤمن، تكون له امرأة مؤمنة، يدخلان الجنة، يتزوج أحدهما الأخر؟ فقال: يا أبا محمد! ان الله حكم عدل، إذا كان هو أفضل منها خيره، فإن اختارها كانت من أزواجه، وإن كانت هي خيرا منه خيرها، فإن اختارته كان زوجا لها. قال: وقال أبو عبد الله عليه السلام: لا تقولن الجنة واحدة، إن الله يقول (ومن دونهما جنتان)، ولا تقولن درجة واحدة، إن الله يقول: (درجات بعضها فوق بعض) إنما تفاضل القوم بالأعمال. قال: وقلت له: إن المؤمنين يدخلان الجنة، فيكون أحدهما أرفع مكانا من الاخر، فيشتهي أن يلقى صاحبه؟
قال: من كان فوقه فله أن يهبط، ومن كان تحته لم يكن له أن يصعد، لأنه لا يبلغ ذلك المكان، ولكنهم إذا أحبوا ذلك، واشتهوه، التقوا على الأسرة.
وعن العلاء بن سيابة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: ان الناس يتعجبون منا إذا قلنا يخرج قوم من جهنم (1)، فيدخلون الجنة، فيقولون لنا: فيكونون مع أولياء الله في الجنة؟ فقال: يا علاء! إن الله يقول (ومن دونهما جنتان) لا والله لا يكونون مع أولياء الله! قلت: كانوا كافرين؟ قال عليه السلام: لا والله لو كانوا ما دخلوا الجنة!
قلت: كانوا مؤمنين؟ قال: لا والله لو كانوا مؤمنين ما دخلوا النار! ولكن بين ذلك، وتأويل هذا لو صح الخبر أنهم لم يكونوا من أفاضل المؤمنين وأخيارهم.
ثم وصف الجنتين فقال: (مدهامتان) أي: من خضرتهما قد اسودتا من الري. وكل نبت اخضر فتمام خضرته أن يضرب إلى السواد، وهو على أتم ما يكون من الحسن. وهذا على قول من قال: إن الجنات الأربع لمن خاف مقام ربه، وهو قول ابن عباس. وقيل: الأوليان للسابقين، والأخريات للتابعين، عن الحسن.
(فيهما عينان نضاختان) أي فوارتان بالماء ينبع من أصلهما، ثم يجريان، عن الحسن. قال ابن عباس: تنضخ على أولياء الله بالمسك والعنبر والكافور. وقيل:
تنضخان بأنواع الخيرات.
(فيهما فكهة) يعني ألوان الفاكهة (ونخل ورمان) وحكى الزجاج عن يونس النحوي، وهو من قدماء النحويين أن النخل والرمان من أفضل الفواكه، وإنما فصلا