والمعنى. إنه لما مات حل عنها ثقل بموته لسؤدده ومجده. وقيل: إن المعنى زينت موتاها به من التحلية. والأقطار: جمع القطر، وهو الناحية، يقال: طعنه فقطره إذا ألقاه على أحد قطريه، وهما جانباه. والسيما: مشتق من السوم، وهو رفع الثمن عن مقداره. والعلامة ترفع بإظهارها لتقع المعرفة بها. والناصية: شعر مقدم الرأس، وأصله الاتصال من قول الشاعر: (قي تناصيها بلادقي) (1) أي: تتصل بها.
فالناصية متصلة بالرأس. والأقدام: جمع قدم، وهو العضو الذي يقدم صاحبه للوطء به على الأرض. والآني: الذي بلغ نهاية حره: أنى يأني أنيا.
المعنى: لما ذكر سبحانه الفناء والإعادة، عقب ذلك بذكر الوعيد والتهديد، فقال: (سنفرغ لكم أيه الثقلان) أي سنقصد لحسابكم أيها الجن والإنس، عن الزجاج، قال: والفراغ في اللغة على ضربين أحدهما: القصد للشئ يقال سأفرغ لفلان أي: سأجعله قصدي والآخر: الفراغ من شغل، والله عز وجل لا يشغله شأن عن شان. وقيل: معناه سنعمل عمل من يفرغ للعمل فيجوده من غيرتضجيع فيه.
وقيل: سنفرغ لكم من الوعيد بتقضي أيامكم المتوعد فيها، فشبه ذلك بمن فرغ من شئ، وأخذ في آخر. والشغل والفراغ من صفات الأجسام التي تحلها الأعراض، وتشغلها عن الأضداد في تلك الحال، ولذلك وجب أن يكون في صفة القديم تعالى، مجازا. ويدل على أن الثقلين المراد بهما الجن والإنس قوله (يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا) أي تخرجوا هاربين من الموت، يقال: نفذ الشئ من الشئ إذا خلص منه، كالسهم ينفذ من الرمية.
(من أقطار السماوات والأرض) أي جوانبهما ونواحيهما، والمعنى: حيث ما كنتم أدرككم الموت. (فانفذوا) أي فاخرجوا فلن تستطيعوا أن تهربوا منه (لا تنفذون إلا بسلطان) أي حيث توجهتم، فثم ملكي، ولا تخرجون من سلطاني فانا آخذكم بالموت، عن عطاء. ومعنى السلطان: القوة التي سلط (2) بها على الأمر، ثم الملك والقدرة والحجة، كلها سلطان. وقيل: لا تنفذون إلا بسلطان أي: لا تخرجون إلا بقدرة من الله وقوة، يعطيكموها بأن يخلق لكم مكانا اخر، سوى السماوات والأرض، ويجعل لكم قوة تخرجون بها إليه. فبين سبحانه بذلك أنهم في