حبسه، وأنه مقتدر عليهم لا يفوتونه، وجعل ذلك دلالة على توحيده وقدرته، وزجرا لهم عن معصيته ومخالفته. وقيل: إن المعنى في الآية إن استطعتم أن تعلموا ما في السماوات والأرض، فاعلموا فإنه لا يمكنكم ذلك، لا تنفذون إلا بسلطان أي: لا تعلمونه إلا بحجة وبيان، عن ابن عباس. وقيل: لا تنفذون إلا بسلطان معناه:
حيث ما شاهدتم حجة الله وسلطانه الذي يدل على توحيده، عن الزجاج.
(فبأي آلاء ربكما تكذبان) أي بأي نعمه تكذبان؟ أبإخباره عن تحيركم لتحتالوا له بعمل الطاعة، واجتناب المعصية، أو بإخباره عنكم أنكم لا تنفذون إلا بحجة، لتستعدوا لذلك اليوم. (يرسل عليكما شواظ من نار) وهو اللهب الأخضر المنقطع من النار (ونحاس) وهو الصفر المذاب للعذاب، عن مجاهد وابن عباس وسفيان وقتادة. وقيل: النحاس الدخان، عن ابن عباس في رواية أخرى، وسعيد بن جبير. وقيل: النحاس المهل، عن ابن مسعود والضحاك. والمعنى: لا تنفذون ولو جاز أن تنفذوا، وقدرتم عليه، لأرسل عليكم العذاب من النار المحرقة. وقيل:
معناه أنه يقال لهم ذلك يوم القيامة (يرسل عليكما) أي يرسل على من أشرك منكما.
وقد جاء في الخبر: يحاط على الخلق بالملائكة (1) بلسان من نار، ينادون (يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من) إلى قوله. (يرسل عليكما شواظ من نار). وروى مسعدة بن صدقة عن كليب قال: كنا عند أبي عبد الله عليه السلام، فأنشأ يحدثنا فقال: إذا كان يوم القيامة، جمع الله العباد في صعيد واحد، وذلك أنه يوحي إلى السماء الدنيا أن اهبطي بمن (2) فيك، فيهبط أهل السماء الدنيا بمثلي من في الأرض من الجن والإنس، والملائكة. ثم يهبط أهل السماء الثانية بمثل الجميع مرتين، فلا يزالون كذلك حتى يهبط أهل سبع سماوات، فيصير الجن والإنس في سبع سرادقات من الملائكة. ثم ينادي مناد: (يا معشر الجن والإنس إن استطعتم) الآية. فينظرون فإذا قد أحاط بهم سبعة أطواق من الملائكة.
وقوله (فلا تنتصران) أي فلا تقدران على دفع ذلك عنكما وعن غيركما.
وعلى هذا فيكون فائدة الآية. إن عجز الثقلين عن الهرب من الجزاء، كعجزهم عن النفوذ من الأقطار. وفي ذلك اليأس من رفع الجزاء بوجه من الوجوه. (فبأي آلاء