ربكما تكذبان) أي بإخباره إياكم عن هذه الحالة، لتتحرزوا عنها، أم بغيره من النعم، فإن وجه النعمة في إرسال الشواظ من النار والنحاس على الثقلين، هو ما في ذلك لهم من الزجر في دار التكليف، عن مواقعة القبيح، وذلك نعمة جزيلة.
(فإذا انشقت السماء) يعني يوم القيامة إذا تصدعت السماء، وانفك بعضها من بعض (فكانت وردة) أي: فصارت حمراء كلون الفرس الورد، وهو الأبيض الذي يضرب إلى الحمرة، أو الصفرة، فيكون في الشتاء أحمر، وفي الربيع أصفر، وفي اشتداد البرد أغبر، سبحان خالقها، والمصرف لها كيف يشاء. والوردة: واحدة الورد. فشبه السماء يوم القيامة في اختلاف ألوانها بذلك. وقيل: أراد به وردة النبات، وهي حمراء وقد تختلف ألوانها، ولكن الأغلب في ألوانها الحمرة، فتصير السماء كالوردة في الإحمرار.
ثم تجري (كالدهان) وهو جمع الدهن عند انقضاء الامر، وتناهي المدة. قال الحسن: هي كالدهان التي يصب بعضها على بعض، بألوان مختلفة. قال الفراء:
شبه تلون السماء بتلون الوردة من الخيل، وشبه الوردة في اختلاف ألوانها بالدهن، واختلاف ألوانه، وهو قول مجاهد، والضحاك، وقتادة. وقيل: الدهان الأديم الأحمر، وجمعه أدهنة، عن الكلبي. وقيل: هو عكر الزيت، يتلون ألوانا، عن عطاء بن أبي رياح.
(فبأي آلاء ربكما تكذبان) وجه النعمة في انشقاق السماء حتى وقع التقرير بها، هو ما في الإخبار به من الزجر والتخويف في دار الدنيا (فيومئذ) يعني يوم القيامة (لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان) أي لا يسأل المجرم عن جرمه في ذلك الموطن لما يلحقه من الذهول الذي تحار له العقول، وإن وقعت المسالة في غير ذلك الوقت، بدلالة قوله (وقفوهم أنهم مسؤولون) وتقدير الآية. فيومئذ لا يسال إنس عن ذنبه، ولا جان عن ذنبه. وقيل: معناه فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان، سؤال استفهام، ليعرف ذلك بالمسألة من جهته، لان الله تعالى قد أحصى الاعمال، وحفظها على العباد. وإنما يسألون سؤال تقريع وتوبيخ للمحاسبة. وقيل: إن أهل الجنة حسان الوجوه، وأهل النار سود الوجوه، فلا يسألون من أي الحزبين هم، ولكن يسألون عن أعمالهم سؤال تقريع. وروي عن الرضا عليه السلام أنه قال: (فيومئذ لا يسال) منكم (عن ذنبه إنس ولا جان) والمعنى: إن من اعتقد الحق، ثم أذنب،