وبحر الأرض، فإن في السماء بحرا يمسكه الله بقدرته، ينزل منه المطر فيلتقيان في كل سنة، وبينهما حاجز يمنع بحر السماء من النزول، وبحر الأرض من الصعود، عن ابن عباس والضحاك ومجاهد. وقيل: إنهما بحر فارس، وبحر الروم، عن الحسن وقتادة. فإن آخر طرف هذا يتصل بآخر طرف ذلك. والبرزخ بينهما الجزائر.
وقيل: مرج البحرين خلط طرفيهما عند التقائهما من غير أن يختلط جملتهما، لا يبغيان أي لا يطلبان أن لا يختلطا (1).
(يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان) اللؤلؤ. كبار الدر. والمرجان: صغاره، عن ابن عباس والحسن، وقتادة والضحاك. وقيل: المرجان خرز أحمر كالقضبان، يخرج من البحر، وهو البسذ، عن عطاء الخراساني، وأبي مالك، وبه قال ابن مسعود، لأنه قال حجر. وإنما قال منهما، وإنما يخرج من الملح دون العذب، لأن الله ذكرهما وجمعهما، وهما بحر واحد. فإذا خرج من أحدهما فقد خرج منهما، عن الزجاج. قال الكلبي: وهو مثل قوله (وجعل القمر فيهن نورا) وإنما هو واحدة منهن. وقوله: (يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم) والرسل من الإنس دون الجن. وقيل: يخرج منهما أي من ماء السماء، ومن ماء البحر، فإن القطر إذا جاء من السماء تفتحت الأصداف، فكان من ذلك القطر اللؤلؤ، عن ابن عباس، ولذلك حمل البحرين على بحر السماء، وبحر الأرض. وقيل: إن العذب والملح يلتقيان فيكون العذب كاللقاح للملح، ولا يخرج اللؤلؤ إلا من الموضع الذي يلتقي فيه الملح والعذب، وذلك معروف عند الغواصين. وقد روي عن سلمان الفارسي، وسعيد بن جبير، وسفيان الثوري: إن البحرين علي وفاطمة عليهما السلام، بينهما برزخ محمد صلى الله عليه وآله وسلم، يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان الحسن والحسين عليهما السلام. ولا غرو أن يكونا بحرين، لسعة فضلهما، وكثرة خيرهما. فإن البحر إنما يسمى بحرا لسعته.
وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لفرس ركبه وأجراه فأحمده. " وجدته بحرا " أي: كثير المعاني الحميدة.
(وله الجوار) أي السفن الجارية في الماء، تجري بأمر الله (المنشئات في البحر) أي المرفوعات، وهي التي رفع خشبها بعضها على بعض، وركب، حتى ارتفعت وطالت. وقيل: هي المبتدءات للسير، مرفعة القلاع. قال مجاهد. ما رفع