(خلق الانسان) أي أخرجه من العدم إلى الوجود، والمراد بالإنسان هنا آدم عليه السلام، عن ابن عباس وقتادة. (علمه البيان) أي أسماء كل شئ، واللغات كلها. قال الصادق عليه السلام: البيان الاسم الأعظم الذي به علم كل شئ. وقيل:
الانسان اسم الجنس. وقيل (1) معناه: الناس جميعا. (علمه البيان) أي النطق والكتابة والخط والفهم والإفهام، حتى يعرف ما يقول، وما يقال له، عن الحسن وأبي العالية وابن زيد والسدي. وهذا هو الأظهر الأعم. وقيل: البيان هو الكلام الذي يبين به عن مراده، وبه يتميز من سائر الحيوانات، عن الجبائي. وقيل:
(خلق الانسان): يعني محمدا صلى الله عليه وآله وسلم، (علمه البيان): يعني ما كان، وما يكون، عن ابن كيسان.
(الشمس والقمر بحسبان) أي. يجريان بحسبان ومنازل لا يعدوانها، وهما يدلان على عدد الشهور والسنين، والأوقات، عن ابن عباس وقتادة. فأضمر يجريان، وحذفه لدلالة الكلام عليه. وتحقيق معناه. إنهما يجريان على وتيرة واحدة وحساب متفق على الدوام، لا يقع فيه تفاوت. فالشمس تقطع بروج الفلك في ثلاثمائة وخمسة وستين يوما وشئ، والقمر في ثمانية وعشرين يوما. فيجريان أبدا على هذا الوجه. وإنما خصهما بالذكر لما فيهما من المنافع الكثيرة للناس من النور والضياء، ومعرفة الليل والنهار، ونضج الثمار، إلى غير ذلك. فذكرهما لبيان النعمة بهما على الخلق.
(والنجم والشجر يسجدان) يعني بالنجم: نبت الأرض الذي ليس له ساق، وبالشجر. ما كان له ساق يبقى في الشتاء، عن ابن عباس، وسعيد بن جبير، وسفيان الثوري. وقيل: أراد بالنجم نجم السماء، وهو موحد، والمراد به جميع النجوم، والشجر، يسجدان لله بكرة وعشيا، كما قال في موضع آخر: والشجر والدواب، عن مجاهد، وقتادة. وقال أهل التحقيق: إن المعنى في سجودهما هو ما فيهما من الآية الدالة على حدوثهما، وعلى أن لهما صانعا أنشأهما، وما فيهما من الصنعة والقدرة التي توجب السجود. وقيل: سجودهما سجود ظلالهما كقوله:
(يتفيؤوا ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون) عن الضحاك، وسعيد بن