له القلاع فهو منشأ، وما لم ترفع قلاعه، فليس بمنشأ. والقلاع: جمع قلع، وهو شراع السفينة (كالأعلام) أي كالجبال. قال مقاتل: شبه السفن في البحر بالجبال في البر. وقيل: المنشئات بكسر الشين، وهي أن ينشئ الموج بصدرها حيث تجري، فيكون الأمواج كالأعلام من الله سبحانه على عباده، بان علمهم اتخاذ السفن ليركبوها، وأن جعل الماء على صفة تجري السفن عليه لأجلها.
(كل من عليها فان) أي كل من على الأرض من حيوان، فهو هالك يفنون ويخرجون من الوجود إلى العدم. كنى عن الأرض، وإن لم يجر لها ذكر، كقول أهل المدينة: (ما بين لابتيها) أي لابتي المدينة. وإنما جاز ذلك لكونه معلوما (ويبقى وجه ربك) أي ويبقى ربك الظاهر بادلته، ظهور الانسان بوجهه. (ذو الجلال) أي العظمة والكبرياء، واستحقاق الحمد والمدح، بإحسانه الذي هو في أعلى مراتب الإحسان، وإنعامه الذي هو أصل كل إنعام. (واكرام) يكرم أنبياءه وأولياءه بألطافه وأفضاله، مع عظمته وجلاله. وقيل: معناه أنه أهل أن يعظم وينزه، عما لا يليق بصفاته، كما يقول الانسان لغيره: أنا أكرمك عن كذا، وأجلك عنه، كقوله. (أهل التقوى) أي: أهل أن يتقى. وتقول العرب: هذا وجه الرأي، وهذا وجه التدبير، بمعنى: إنه الرأي والتدبير. قال الأعشى:
وأول الحكم على وجهه * ليس قضائي بالهوى الجائر أي: قرر الحكم كما هو. وقيل: إن المراد بالوجه ما يتقرب به إلى الله تعالى، وأنشد:
أستغفر الله ذنبا لست محصيه، * رب العباد إليه الوجه، والعمل ومتى قيل: وأي نعمة في الفناء؟ فالجواب: إن النعمة فيه التسوية بين الخلق فيه. وأيضا فإنه وصلة إلى الثواب، وتنبيه على أن الدنيا لا تدوم. وأيضا فإنه لطف للمكلف، لأنه لو عجل الثواب لصار ملجا إلى العمل، ولم يستحق الثواب، ففصل بين الثواب والعمل، ليفعل الطاعة لحسنها فيستحق الثواب.
(يسأله من في السماوات والأرض) أي لا يستغني عنه أهل السماوات والأرض، فيسألونه حوائجهم، عن قتادة. وقيل: يسأله أهل الأرض الرزق والمغفرة، وتسأل الملائكة لهم أيضا الرزق والمغفرة، عن مقاتل.