فإذا يبس وديس صار تبنا، عن مجاهد والجبائي. وقيل: العصف التبن لأن الريح تعصفه أي تطيره، عن ابن عباس وقتادة والضحاك. وقيل: هو بقل الزرع، وهو أول ما ينبت منه، عن السدي والفراء.
(والريحان) يعني الرزق في قول الأكثرين. وقال الحسن، وابن زيد: هو ريحانكم الذي يشم. وقال الضحاك: الريحان الحب المأكول. والعصف: الورق الذي لا يؤكل، فهو رزق الدواب. والريحان رزق الناس. فذكر سبحانه قوت الناس والأنعام. ثم خاطب الإنس والجن بقوله: (فبأي آلاء ربكما تكذبان) أي: فبأي نعم ربكما من هذه الأشياء المذكورة تكذبان، لأنها كلها منعم عليكم بها. والمعنى:
أنه لا يمكن جحد شئ من هذه النعم. فأما الوجه لتكرار هذه الآية في هذه السورة فإنما هو التقرير بالنعم المعدودة، والتأكيد في التذكير بها. فكلما ذكر سبحانه نعمة أنعم بها قرر عليها ووبخ على التكذيب بها، كما يقول الرجل لغيره. أما أحسنت إليك حين أطلقت لك مالا؟ أما أحسنت إليك حين ملكتك عقارا؟ أما أحسنت إليك حين بنيت لك دارا؟ فيحسن فيه التكرار لاختلاف ما يقرره به، ومثله كثير من كلام العرب وأشعارهم. قال مهلهل بن ربيعة يرثي أخاه كليبا:
على أن ليس عدلا من كليب * إذا طرد اليتيم عن الجزور علن أن ليس عدلا من كليب * إذا ما ضيم جيران المجير على أن ليس عدلا من كليب * إذا رجف العضاة من الدبور على أن ليس عدلا من كليب * إذا خرجت مخبأة الخدور على أن ليس عدلا من كليب * إذا ما أعلنت نجوى الصدور وقالت ليلى الأخيلية ترثي توبة بن الحمير:
لنعم الفتى يا توب، كنت، ولم تكن، * لتسبق يوما كنت فيه تجاول ونعم الفتى يا توب، كنت إذا التقت * صدور العوالي، واستشال (1) الأسافل ونعم الفتى يا توب، كنت لخائف * أتاك لكي تحمي، ونعم المجامل ونعم الفتى يا توب، جارا، وصاحبا، * ونعم الفتى يا توب، حين تناضل لعمري لأنت المرء أبكي لفقده، * ولو لام فيه ناقص الرأي، جاهل