جبير. والمعنى فيه: إن كل جسم له ظل، فهو يقتضي الخضوع بما فيه من دليل الحدوث، وإثبات المحدث المدبر. وقيل: معنى سجودهما أنه سبحانه يصرفهما على ما يريده من غير امتناع، فجعل ذلك خضوعا. ومعنى السجود: الخضوع كما في قوله. (ترى الأكم فيها سجدا للحوافر)، عن الجبائي.
(والسماء رفعها) أي: ورفع السماء رفعها فوق الأرض. دل سبحانه بذلك على كمال قدرته. (ووضع الميزان) يعني آلة الوزن للتوصل إلى الانصاف والانتصاف، عن الحسن وقتادة. قال قتادة: هو الميزان المعهود ذو اللسانين.
وقيل: المراد بالميزان العدل، والمعنى: إنه أمرنا بالعدل، عن الزجاج. ويدل عليه قوله: (ألا تطغوا في الميزان) أي: لا تتجاوزوا فيه العدل والحق، إلى البخس والباطل. تقديره: فعلت ذلك لئلا تطغوا. ويحتمل أيضا أن يكون: لا تطغوا نهيا منفردا، وتكون (أن) مفسرة بمعنى أي. وقيل: إن المراد بالميزان القران الذي هو أصل الدين، فكأنه تعالى بين أدلة العقل، وأدلة السمع. وإنما أعاد سبحانه ذكر الميزان من غير إضمار، ليكون الثاني قائما بنفسه في النهي عنه، إذا قيل لهم لا تطغوا في الميزان.
(وأقيموا الوزن بالقسط) أي أقيموا لسان الميزان بالعدل، إذا أردتم الأخذ والإعطاء (ولا تخسروا الميزان) أي لا تنقصوه بالبخس والجور، بل سووه بالإنصاف والعدل. قال سفيان بن عيينة: الإقامة باليد، والقسط بالقلب. (والأرض وضعها للأنام) لما ذكر السماء ذكر الأرض في مقابلتها أي: وبسط الأرض، ووطأها للناس. وقيل: الأنام كل شئ فيه روح، عن ابن عباس. وقيل: الأنام الجن والإنس، عن الحسن. وقيل: جميع الخلق من كل ذي روح، عن مجاهد. وعبر عن الأرض بالوضع، لما عبر عن السماء بالرفع. وفي ذلك بيان النعمة على الخلق، وبيان وحدانية الله تعالى كما في رفع السماء.
(فيها فاكهة) أي في الأرض ما يتفكه به من ألوان الثمار المأخوذة من الأشجار (والنخل ذات الأكمام) أي الأوعية والغلف، وثمر النخل يكون في غلف ما لم ينشق. وقيل: الأكمام ليف النخل الذي تكم فيه، عن الحسن. وقيل: معناه ذات الطلع، لأنه الذي يتغطى بالأكمام، عن ابن زيد. (والحب) يريد جميع الحبوب مما يحرث في الأرض من الحنطة والشعير غيرهما. (ذو العصف) أي ذو الورق