إنهم سيغلبون و (يبلغ الهدي محله) والحديبية: بئر روي أنه نفد ماؤها، فظهر فيها من أعلام النبوة ما اشتهرت به الروايات.
قال البراء بن عازب: تعدون أنتم الفتح فتح مكة، وقد كان فتح مكة فتحا، ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية، كنا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم أربع عشرة مائة.
والحديبية بئر، فنزحناها فما ترك منها قطرة. فبلغ ذلك إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأتاها، فجلس على شفرها، ثم دعا بإناء من ماء، فتوضأ ثم تمضمض، ودعا، ثم صبه فيها، وتركها. ثم إنها أصدرتنا نحن وركابنا. وفي حديث سلمة بن الأكوع: إما دعا، وإما بزق فيها، فجاشت فسقينا وأسقينا.
وعن محمد بن إسحاق بن يسار، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، عن المسور بن مخرمة (1): إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خرج لزيارة البيت، لا يريد حربا، فذكر الحديث إلى أن قال (2) رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: انزلوا. فقالوا ا: يا رسول الله ما بالوادي ماء. فأخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من كنانته سهما، فأعطاه رجلا من أصحابه، فقال له: انزل في بعض هذه القلب، فأغرزه في جوفه. ففعل، فجاش بالماء الرواء، حتى ضرب الناس بعطن.
وعن عروة وذكر خروج النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: وخرجت قريش من مكة، فسبقوه إلى بلدح، وإلى الماء. فنزلوا عليه. فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قد سبق، نزل على الحديبية، وذلك في حر شديد، وليس فيها إلا بئر واحدة. فأشفق القوم من الظمأ، والقوم كثير. فنزل فيها رجال يمتحنونها. ودعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بدلو من ماء، فتوضأ (3) ومضمض فاه، ثم مج فيه، وأمر أن يصب في البئر. ونزع سهما من كنانته، وألقاه في البئر. فدعا الله تعالى، ففارت بالماء، حتى جعلوا يغترفون بأيديهم منها، وهم جلوس على شفتها.
وروى سالم بن أبي الجعد قال: قلت لجابر. كم كنتم يوم الشجرة؟ قال: كنا ألفا وخمسمائة. وذكر عطشا أصابهم قال. فاتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بماء في تور،