الحجة: حجة من قرأ (وتقطعوا) بالتخفيف قوله تعالى: (ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل) والتشديد للمبالغة. وقوله: (وليتم من الولاية) وفيه دلالة على أن القراءة المشهورة (توليتم) معناه توليتم الأمر. قال أبو علي: قالوا انتظرته مليا من الدهر أي متسعا منه، صفة استعمل استعمال الأسماء. وقالوا: تمليت حبيبا أي:
عشت معه ملاوة من الدهر. وقالوا: الملوان يريدون بهما تكرر الليل والنهار، وطول مدتهما، قال:
نهار وليل دائم ملواهما، * على كل حال المرء يختلفان فلو كان الليل والنهار لم يضافا إلى ضميرهما من حيث لا يضاف الشئ إلى نفسه، ولكن كأنه يراد تكرار الدهر، واتساعه بهما. والضمير في (أملي لهم) لاسم الله، كما قال: (وأملي لهم إن كيدي متين). فمن قرأ (وأملي لهم): فبنى الفعل للمفعول به، فإنه يحسن في هذا الموضع للعلم بأنه لا يؤخر أحد مدة أحد، ولا يوسع له فيها إلا الله سبحانه.
المعنى: (طاعة وقول معروف) قد ذكرنا أن فيه مذهبين أحدهما: أن يكون كلاما متصلا بما قبله، وقد مر ذكره والآخر: أن يكون كلاما مبتدأ. ثم اختلف في تقديره على وجهين أحدهما: أن يكون مبتدأ محذوف الخبر. ثم قيل: إن معناه طاعة وقول معروف أمثل وأليق من أحوال هؤلاء المنافقين. وقيل: معناه طاعة وقول معروف خير لهم من جزعهم عند نزول فرض الجهاد، عن الحسن. والوجه الآخر.
إنه خبر مبتدأ محذوف تقديره: قولوا أمرنا طاعة وقول معروف أي حسن لا ينكره السامع. وهذا أمر أمر الله به المنافقين، عن مجاهد. وقيل: هو حكاية عنهم أنهم كانوا يقولون ذلك، ويقتضيه قوله: (فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم).
(فإذا عزم الأمر) معناه: فإذا جد الأمر، ولزم فرض القتال، وصار الأمر معزوما عليه. والعزم: العقد على الأمر بالإرادة لأن يفعله، فإذا عقد العازم العزم على أن يفعله قيل: عزم الأمر على طريق البلاغة. وجواب إذا محذوف، ويدل عليه قوله (فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم) وتقديره: فإذا عزم الأمر نكلوا وكذبوا فيما وعدوا من أنفسهم، فلو صدقوا الله فيما أمرهم به من الجهاد، وامتثلوا أمره، لكان خيرا لهم في دينهم ودنياهم من نفاقهم (فهل عسيتم) يا معشر المنافقين (إن توليتم