الأول رد الضمير إلى لفظة من، وفي الثاني إلى معناه، فإنه موحد اللفظ، مجموع المعنى.
ثم قال: (أولئك الذين طبع الله على قلوبهم) أي وسم قلوبهم بسمة الكفار، أو خلى بينهم وبين اختيارهم (واتبعوا أهواءهم) أي شهوات نفوسهم، وما مالت إليه طباعهم، دون ما قامت عليه الحجة. ثم وصف سبحانه المؤمنين فقال: (والذين اهتدوا) بما سمعوا من النبي (ص) (زادهم) الله، أو قراءة القرآن، أو النبي (ص) (هدى) وقيل: زادهم استهزاء المنافقين إيمانا وعلما وبصيرة، وتصديقا لنبيهم (ص) (وآتاهم تقواهم) أي وفقهم للتقوى. وقيل: معناه وآتاهم ثواب تقواهم، عن سعيد بن جبير، وأبي علي الجبائي. وقيل: بين لهم ما يتقون، وهو ترك الرخص والأخذ بالعزائم (فهل ينظرون إلا الساعة) أي فليس ينتظرون إلا القيامة.
(أن تأتيهم بغتة) أي فجأة. فقوله (أن تأتيهم) بدل من (الساعة) وتقديره:
إلا الساعة إتيانها بغتة. والمعنى: إلا إتيان الساعة إياهم بغتة. (فقد جاء أشراطها) أي علاماتها. قال ابن عباس: معالمها، والنبي من أشراطها. ولقد قال: " بعثت أنا والساعة كهاتين ". وقيل: هي أعلامها من انشقاق القمر والدخان وخروج النبي (ص)، ونزول آخر الكتب، عن مقاتل. (فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم) أي فمن أين لهم الذكر والاتعاظ والتوبة إذا جاءتهم الساعة. وموضع (ذكراهم) رفع مثله في قوله: (يوم يتذكر الانسان وأنى له الذكرى) أي ليس تنفعه الذكرى. والذكرى:
ما أمر الله سبحانه أن يتذكروا به، ومعناه: وكيف لهم بالنجاة إذا جاءتهم الساعة، فإنه لا ينفعهم في ذلك الوقت الإيمان والطاعات، لزوال التكليف عنهم.
ثم قال لنبيه (ص) والمراد به جميع المكلفين: (فاعلم أنه لا إله إلا الله) قال الزجاج: يجوز أن يكون المعنى: أقم على هذا العلم، وأثبت عليه، واعلم في مستقبل عمرك ما تعلمه الآن، ويدل عليه ما روي عن النبي (ص) أنه قال: " من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة ". أورده مسلم في الصحيح. وقيل: إنه يتعلق بما قبله على معنى: إذا جاءتهم الساعة، فاعلم أنه لا إله إلا الله أي يبطل الملك عند ذلك، فلا ملك ولا حكم لأحد إلا الله. وقيل. إن هذا إخبار بموته (ص) والمراد: فاعلم أن الحي الذي لا يموت هو الله وحده. وقيل: إنه كان