فألبسه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم درعه (ذات الفضول)، وأعطاه سيفه (ذا الفقار)، وعممه عمامته (السحاب)، على رأسه تسعة أكوار، ثم قال له: تقدم. فقال لما ولى:
(اللهم احفظه من بين يديه، ومن خلفه، وعن يمينه، وعن شماله، ومن فوق رأسه، ومن تحت قدميه) قال ابن إسحاق: فمشى إليه وهو يقول:
لا تعجلن فقد أتاك * مجيب صوتك غير عاجز ذو نية وبصيرة * والصدق منجي كل فائز إني لأرجو أن أقيم * عليك نائحة الجنائز من ضربة نجلاء يبقى * ذكرها عند الهزاهز (1) قال له عمرو: من أنت؟ قال: أنا علي. قال: ابن عبد مناف؟ فقال: أنا علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف. فقال: غيرك يا بن أخي من أعمامك من هو أسن منك، فإني أكره أن أهرق دمك. فقال علي عليه السلام: لكني والله ما أكره أن أهرق دمك. فغضب ونزل، وسل سيفه كأنه شعلة نار، ثم أقبل نحو علي مغضبا، فاستقبله علي بدرقته (2)، فضربه عمرو بالدرقة فقدها، وأثبت فيها السيف، وأصاب رأسه، فشجه. وضربه علي على حبل العاتق، فسقط.
وفي رواية حذيفة: وتسيف على رجليه بالسيف من أسفل، فوقع على قفاه، وثارت بينهما عجاجة، فسمع علي يكبر. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قتله والذي نفسي بيده. فكان أول من ابتدر العجاج عمر بن الخطاب، فإذا علي يمسح سيفه بدرع عمرو. فكبر عمر بن الخطاب وقال: يا رسول الله قتله. فحز علي (3) رأسه، وأقبل نحو رسول الله، ووجهه يتهلل. فقال عمر بن الخطاب: هلا استلبته درعه، فإنه ليس للعرب درع خير منها؟ فقال. ضربته فاتقاني بسوأته، فاستحييت ابن عمي أن أستلبه.
قال حذيفة: فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أبشر يا علي فلو وزن اليوم عملك بعمل أمة محمد، لرجح عملك بعملهم، وذلك أنه لم يبق بيت من بيوت المشركين إلا وقد