بعلبك، ويبنى له بيت المقدس، ويحتاج إلى الخروج إليها، وإلى غيرها. وقال وهب: وكان سليمان يخرج إلى مجلسه، فتعكف عليه الطير، ويقوم له الجن والإنس، حتى يجلس على سريره، ويجتمع معه جنوده، ثم تحمله الريح إلى حيث أراد. (وكنا بكل شئ عالمين) فإنما أعطيناه ما أعطيناه لما علمناه من المصلحة.
(ومن الشياطين من يغوصون له) أي: وسخرنا لسليمان من الشياطين من يغوصون له في البحر، فيخرجون له الجواهر واللآلئ. والغوص: النزول إلى تحت الماء. (ويعملون عملا دون ذلك) أي: سوى ذلك من الأبنية كالمحاريب والتماثيل وغيرهما (وكنا لهم حافظين) لئلا يهربوا منه، ويمتنعوا عليه. وقيل: يحفظهم الله من أن يفسدوا ما عملوه، عن الفراء والزجاج. (وأيوب إذ نادى ربه) أي: واذكر يا محمد أيوب حين دعا ربه لما امتدت المحنة به (أني مسني الضر) أي: نالني الضر، وأصابني الجهد. (وأنت أرحم الراحمين) أي: ولا أحد أرحم منك. وهذا تعريض منه بالدعاء لإزالة ما به من البلاء، وهو من لطيف الكنايات في طلب الحاجات، ومثله قول موسى: (رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير). (فاستجبنا له) أي: أجبنا دعاءه ونداءه (فكشفنا ما به من ضر) أي: أزلنا ما به من الأوجاع والأمراض.
(وآتيناه أهله ومثلهم معهم) قال ابن عباس وأبن مسعود: رد الله سبحانه عليه أهله الذين هلكوا بأعيانهم، وأعطاه مثلهم معهم، وكذلك رد الله عليه أمواله ومواشيه بأعيانها، وأعطاه مثلها معها، وبه قال الحسن وقتادة، وهو المروي عن أبي عبد الله عليه السلام. وقيل: إنه خير أيوب فاختار إحياء أهله في الآخرة، ومثلهم في الدنيا، فأوتي على ما اختار، عن عكرمة ومجاهد. قال وهب: وكان له سبع بنات وثلاثة بنين. وقال أبن يسار: سبعة بنين وسبع بنات.
(رحمة من عندنا) أي: نعمة منا عليه (وذكرى للعابدين) أي: موعظة لهم في الصبر والانقطاع إلى الله تعالى، والتوكل عليه، لأنه لم يكن في عصر أيوب أحد أكرم على الله منه، فابتلاه بالمحن العظيمة، فأحسن الصبر عليها. فينبغي لكل عاقل إذا أصابته محنة أن يصبر عليها، ولا يجزع، ويعلم أن عاقبة الصبر محمودة.
(وإسماعيل وإدريس وذا الكفل) أي: واذكر هؤلاء الأنبياء، وما أنعمت عليهم من فنون النعمة.