فلما صعده، صعدوا إليه، وسلوا سيوفهم وهم سبعون رجلا من أشد (1) اليهود وأجلدهم وذوي النجدة منهم، فلما أهووا بها إليه ليضربوه بها التقى طرفا الجبل بينهم وبينه فانضما، وصار ذلك حائلا بينهم وبين محمد صلى الله عليه وآله، وانقطع طمعهم عن الوصول إليه بسيوفهم، فغمدوها، فانفرج الطرفان بعدما كانا انضما، فسلوا بعد سيوفهم وقصدوه.
فلما هموا بارسالها عليه انضم طرفا الجبل، وحيل (2) بينهم وبينه فغمدوها، ثم ينفرجان فيسلونها إلى أن بلغ إلى ذروة الجبل، وكان ذلك سبعا (3) وأربعين مرة.
فصعدوا الجبل وداروا خلفه ليقصدوه بالقتل، فطال عليهم الطريق، ومد الله عز وجل الجبل فأبطأوا عنه حتى فرغ رسول الله صلى الله عليه وآله من ذكره وثنائه على ربه واعتباره بعبره.
ثم انحدر عن الجبل، فانحدروا خلفه ولحقوه، وسلوا سيوفهم عليه ليضربوه بها، فانضم طرفا الجبل، وحال بينهم وبينه فغمدوها، ثم انفرج فسلوها، ثم انضم فغمدوها، وكان ذلك سبعا وأربعين مرة، كلما انفرج سلوها، فإذا (4) انضم غمدوها.
فلما كان في آخر مرة، وقد قارب رسول الله صلى الله عليه وآله القرار، سلوا سيوفهم عليه فانضم طرفا الجبل، وضغطهم [الجبل] ورضضهم، وما زال يضغطهم حتى ماتوا أجمعين.
ثم نودي: يا محمد انظر خلفك إلى بغاتك بالسوء (5) ماذا صنع بهم ربهم. فنظر فإذا طرفا الجبل مما يليه، منضمان، فلما [نظر] انفرج الطرفان [و] سقط أولئك القوم وسيوفهم بأيديهم، وقد هشمت وجوههم وظهورهم وجنوبهم وأفخاذهم وسوقهم وأرجلهم، وخروا موتى تشخب أوداجهم دما.