فقال علي عليه السلام لقنبر: يا قنبر اذهب إلى تلك الشجرة وإلى التي تقابلها - وقد كان بينهما أكثر من فرسخ - فنادهما: أن وصي محمد صلى الله عليه وآله يأمركما أن تتلاصقا.
فقال قنبر: يا أمير المؤمنين أو يبلغهما صوتي؟
فقال علي عليه السلام: إن الذي يبلغ بصر عينك إلى السماء وبينك وبينها [مسير] خمسمائة عام، سيبلغهما صوتك. فذهب فنادى (1) فسعت إحداهما إلى الأخرى سعي المتحابين طالت غيبة أحدهما عن الآخر واشتد إليه شوقه، وانضمتا (2).
فقال قوم من منافقي العسكر: إن عليا يضاهي في سحره رسول الله (3) ابن عمه!
ما ذاك رسول الله ولا هذا إمام، وإنما هما (4) ساحران! لكنا سندور من خلفه لننظر إلى عورته وما يخرج منه. فأوصل الله عز وجل ذلك إلى اذن علي عليه السلام من قبلهم (5) فقال - جهرا -: يا قنبر إن المنافقين أرادوا مكايدة وصي رسول الله صلى الله عليه وآله وظنوا أنه لا يمتنع (6) منهم إلا بالشجرتين، فارجع إلى الشجرتين وقل لهما:
إن وصي رسول الله صلى الله عليه وآله يأمركما أن تعودا إلى مكانيكما.
ففعل ما أمره به، فانقلعتا وعدت (7) كل واحدة منهما تفارق الأخرى كهزيمة الجبان من الشجاع البطل، ثم ذهب علي عليه السلام ورفع ثوبه ليقعد، وقد مضى جماعة من المنافقين لينظروا إليه، فلما رفع ثوبه أعمى الله تعالى أبصارهم، فلم يبصروا شيئا فولوا عنه وجوههم، فأبصروا كما كانوا يبصرون.
ثم نظروا إلى جهته فعموا، فما زالوا ينظرون إلى جهته ويعمون، ويصرفون عنه