وصي محمد [رسول الله] يأمر أجزاءك، أن تتفرق وتتباعد. فذهب فقال لها، فتفاصلت وتهافتت وتفرقت (1) وتصاغرت أجزاؤها، حتى لم ير لها عين ولا أثر، حتى كأن لم يكن هناك [أثر] نخلة قط، فارتعدت فرائص اليوناني، وقال: يا وصي محمد قد أعطيتني اقتراحي الأول، فأعطني الاخر، فأمرها أن تجتمع وتعود كما كانت. فقال: أنت رسولي إليها فعد (2) فقل لها: يا أجزاء النخلة إن وصي محمد رسول الله صلى الله عليه وآله يأمرك أن تجتمعي (وكما كنت تعودي) (3).
فنادى اليوناني فقال ذلك، فارتفعت في الهواء كهيئة الهباء المنثور (4) ثم جعلت تجتمع جزءا جزءا منها حتى تصور لها القضبان والأوراق وأصول السعف وشماريخ الأعذاق، ثم تألفت، وتجمعت (5) واستطالت وعرضت واستقر أصلها في مقرها وتمكن عليها ساقها، وتركب على الساق قضبانها، وعلى القضبان أوراقها، وفي أمكنتها أعذاقها، و [قد] كانت في الابتداء شماريخها متجردة لبعدها من أوان الرطب والبسر والخلال.
فقال اليوناني: وأخرى أحبها: أن تخرج شماريخها خلالها، وتقلبها من خضرة إلى صفرة وحمرة وترطيب (6) وبلوغ أناه (7) ليؤكل وتطعمني، ومن حضرك منها.
فقال علي عليه السلام: [و] أنت رسولي إليها بذلك، فمرها به.
فقال لها اليوناني ما أمره أمير المؤمنين عليه السلام، فأخلت وأبسرت، واصفرت، واحمرت وأرطبت (8) وثقلت أعذاقها برطبها.