وأجلها، وأطوعها وأخشعها وأخضعها، أذن لأبواب السماء ففتحت، ومحمد صلى الله عليه وآله ينظر إليها، وأذن للملائكة فنزلوا ومحمد صلى الله عليه وآله ينظر إليهم، وأمر بالرحمة فأنزلت (١) عليه من لدن ساق العرش إلى رأس محمد وغمرته، ونظر إلى جبرئيل الروح الأمين المطوق بالنور، طاووس الملائكة هبط إليه، وأخذ بضبعه (٢) وهزه وقال:
يا محمد اقرأ. قال: وما أقرأ؟ قال: يا محمد ﴿اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الانسان من علق - إلى قوله - ما لم يعلم﴾ (3) ثم أوحى [إليه] ما أوحى إليه ربه عز وجل، ثم صعد إلى العلو، ونزل محمد صلى الله عليه وآله من (4) الجبل وقد غشيه من تعظيم جلال الله، وورد عليه من كبير (5) شأنه ما ركبه به (6) الحمى والنافض.
يقول وقد اشتد عليه ما يخافه من تكذيب قريش في خبره، ونسبتهم إياه إلى الجنون، [وأنه] يعتريه شيطان (7) وكان من أول أمره أعقل خليقة (8) الله، وأكرم براياه وأبغض الأشياء إليه الشيطان وأفعال المجانين وأقوالهم.
فأراد الله عز وجل أن يشرح صدره، ويشجع قلبه، فأنطق الجبال والصخور والمدر، وكلما وصل إلى شئ منها ناداه: [السلام عليك يا محمد] السلام عليك يا ولي الله، السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا حبيب الله، أبشر فان الله عز وجل قد فضلك وجملك وزينك وأكرمك فوق الخلائق أجمعين من الأولين والآخرين لا يحزنك قول (9) قريش: إنك مجنون، وعن الدين مفتون، فان الفاضل من فضله