فما زالا يتجاولان ولا يتمكن واحد منهما من الاخر إلى أن طلع علينا أخوك علي ابن أبي طالب عليه السلام فصحت بهما: هذا علي بن أبي طالب عليه السلام لم توقراه؟ فوقراه وتكافا، فهذا أخو رسول الله صلى الله عليه وأله وأفضل آل محمد.
فأما أحدهما، فإنه لما سمع مقالتي رمى بسيفه ودرقته من يده.
وأما الاخر فلم يحفل بذلك، فتمكن لاستسلام صاحبه منه، فقطعه بسيفه قطعا أصابه بنيف وعشرين ضربة، فغضبت عليه، ووجدت (1) من ذلك وجدا شديدا، وقلت له: يا عبد الله بئس العبد أنت لم توقر أخا رسول الله، وأثخنت بالجراح من وقره، وقد كان ذلك قرنا (2) كفيا بدفاعك عن نفسه، وما تمكنت منه إلا بتوقيره أخا رسول الله صلى الله عليه وآله.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: فما الذي صنع علي بن أبي طالب عليه السلام لما كف صاحبك وتعدى عليه الآخر؟ قال: جعل ينظر إليه وهو يضربه بسيفه، لا يقول شيئا، ولا يمنعه ثم جاز وتركهما، وإن ذلك المضروب لعله باخر رمق.
فقال رسول الله صلى الله عليهما السلام: يا سعد لعلك تقدر (3) أن ذلك الباغي المتعدي ظافر إنه ما ظفر، يغنم من ظفر بظلم؟! إن المظلوم يأخذ من دين الظالم أكثر مما يأخذ الظالم من دنياه، إنه لا يحصد (4) من المر حلو، ولا من الحلو مر.
وأما غضبك لذلك المظلوم على ذلك الظالم فغضب الله له أشد من ذلك وغضب الملائكة [على ذلك الظالم لذلك المظلوم] (5).
وأما كف علي بن أبي طالب عليه السلام عن نصرة ذلك المظلوم، فان ذلك لما أراد الله من إظهار آيات محمد في ذلك، لا أحدثك يا سعد بما قال الله وقالته الملائكة.