بقدومه، وتخدمه في عرصات القيامة وفى الجنان من الملائكة ألف ضعف عدد أهل الدنيا من أول الدهر (1) إلى آخره، ولا يميته الله في هذه الدنيا حتى يشفيه من أعدائه ويشفي صاحبا له، وأخا في الله مساعدا له على تعظيم آل محمد.
قالوا: ومن ذلك يا رسول الله؟.
قال: ها هو مقبل عليكم غضبانا، فاسألوه عن غضبه، فان غضبه لآل محمد خصوصا لعلي بن أبي طالب عليه السلام.
فطمح (2) القوم بأعناقهم، وشخصوا بأبصارهم، ونظروا، فإذا أول طالع عليهم " سعد بن معاذ " وهو غضبان، فأقبل، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وآله قال له:
يا سعد أما إن غضب الله لما غضبت له أشد، فما الذي أغضبك؟ حدثنا بما قلته في غضبك حتى أحدثك بما قالته الملائكة لمن قلت له، وما قالته الملائكة لله عز وجل وأجابها الله عز وجل به.
فقال سعد: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، بينا أنا جالس على بابي، وبحضرتي نفر من أصحابي الأنصار، إذ تمادى رجلان من الأنصار، فرأيت في أحدهما النفاق فكرهت أن أدخل بينهما مخافة أن يزداد شرهما، وأردت أن يتكافا فلم يتكافا، وتماديا في شرهما حتى تواثبا إلى أن جرد كل واحد منهما السيف على صاحبه، فأخذ هذا سيفه وتسره، وهذا سيفه وترسه وتجاولا (3) وتضاربا، فجعل كل واحد منهما يتقي سيف صاحبه بدرقته (4)، وكرهت أن أدخل بينهما مخافة أن تمتد إلي يد خاطئة، وقلت في نفسي: اللهم انصر أحبهما لنبيك وآله.