وساعاته، وأيامه وليالي الجمع وساعاتها وأيامها، فيسعد بذلك سعادة الأبد ومن عمل سوءا شهدت عليه جوارحه، وبقاعه، وشهوره، وأعوامه، وساعاته [وأيامه] وليالي الجمع وساعاتها وأيامها، فيشقى بذلك شقاء الأبد.
ألا فاعملوا [اليوم] ليوم القيامة، وأعدوا الزاد ليوم الجمع يوم التناد، وتجنبوا المعاصي، فبتقوى الله يرجى الخلاص، فان من عرف حرمة رجب وشعبان، ووصلهما بشهر رمضان شهر الله الأعظم، شهدت له هذه الشهور يوم القيامة، وكان رجب وشعبان وشهر رمضان شهوده بتعظيمه لها.
وينادى مناد: يا رجب ويا شعبان ويا شهر رمضان كيف عمل هذا العبد فيكم؟ وكيف كانت طاعته لله عز وجل (1)؟ فيقول رجب وشعبان وشهر رمضان:
يا ربنا ما تزود منا إلا استعانة على طاعتك، واستمدادا [لمواد] فضلك، ولقد تعرض بجهده (2) لرضاك، وطلب بطاقته محبتك.
فيقول للملائكة الموكلين بهذه الشهور: ماذا تقولون في هذه الشهادة لهذا العبد؟
فيقولون: يا ربنا صدق رجب وشعبان وشهر رمضان، ما عرفناه إلا متقبلا (3) في طاعتك مجتهدا في طلب رضاك، صائرا فيه إلى البر والاحسان، ولقد كان بوصوله إلى هذه الشهور فرحا مبتهجا وأمل فيها رحمتك، ورجلي فيها عفوك ومغفرتك، وكان عما منعته فيها ممتنعا، وإلى ما ندبته إليه فيها مسرعا، لقد صام ببطنه، وفرجه، وسمعه، وبصره، وسائر جوارحه [ويرجو درجة] ولقد ظلما في نهارها، ونصب في ليلها، وكثرت نفقاته فيها على الفقراء والمساكين، وعظمت أياديه وإحسانه إلى عبادك، صحبها أكرم صحبة، وودعها أحسن توديع، أقام بعد انسلاخها عنه على طاعتك، ولم يهتك عند إدبارها ستور حرماتك، فنعم العبد هذا.