وقالت: أشهد يا محمد (1) أنك رسول رب العالمين وسيد الخلق أجمعين، وأن أبا جهل هذا عدو الله المعاند الجاحد للحق الذي يعلمه، أكل مني هذا الجانب، وادخر الباقي وقد أخبرته بذلك، وأحضرتنيه فكذب به، فعليه لعنة الله ولعنة اللاعنين فإنه مع كفره بخيل، استأذن عليه أخوه فوضعني تحت ذيله إشفاقا من أن يصيب مني أخوه، فأنت يا رسول الله أصدق الصادق من الخلق أجمعين، وأبو جهل الكذاب المفتري اللعين.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: [أما] كفاك ما شاهدت؟! (2) آمن لتكون آمنا من عذاب الله عز وجل، قال أبو جهل: إني لأظن أن هذا تخييل وإيهام.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: فهل تفرق بين مشاهدتك لهذا وسماعك لكلامها، وبين مشاهدتك لنفسك ولسائر قريش والعرب وسماعك لكلامهم؟ قال أبو جهل: لا.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: فما يدريك أن جميع ما تشاهد وتحس بحواسك تخييل؟
قال أبو جهل: ما هو تخييل.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ولا هذا تخييل، وإلا فكيف تصحح أنك ترى في العالم شيئا أوثق منه (3)؟
[قال:] ثم وضع رسول الله صلى الله عليه وآله يده على الموضع المأكول من الدجاجة، فمسح يده عليها، فعاد اللحم عليه أوفر ما كان.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا أبا جهل أرأيت هذه الآية؟
قال: يا محمد [قد] توهمت شيئا، ولا أوقنه.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا جبرئيل فأتنا بالأموال التي دفنها هذا المعاند للحق لعله يؤمن. فإذا هو بالصرر بين يديه كلها [في كل صرة] ما كان رسول الله صلى الله عليه وآله قاله إلى تمام عشرة آلاف دينار وثلاثمائة دينار (4).