العظمى، من استضاء به نوره الله، ومن اعتقد به في (1) أموره عصمه الله، ومن تمسك به أنقذه الله، ومن لم يفارق أحكامه رفعه الله، ومن استشفى به شفاه الله، ومن آثره على ما سواه هداه الله، ومن طلب الهدى في غيره أضله الله، ومن جعله شعاره ودثاره أسعده الله، ومن جعله إمامه الذي يقتدي به ومعوله (2) الذي ينتهي إليه، أداه الله إلى جنات النعيم، والعيش السليم، فلذلك قال:
(هدى) يعني هذا القرآن هدى (وبشرى للمؤمنين) يعني بشارة لهم في الآخرة.
وذلك أن القرآن يأتي يوم القيامة بالرجل الشاحب (3) يقول لربه عز وجل:
[يا رب] هذا أظمأت نهاره، وأسهرت ليله، وقويت في رحمتك طمعه، وفسحت في مغفرتك أمله، فكن عند ظني [فيك] وظنه.
يقول الله تعالى: أعطوه الملك بيمينه، والخلد بشماله، وأفرنوه بأزواجه من الحور العين، واكسوا والديه حلة لا تقوم لها الدنيا بما فيها.
فينظر إليهما الخلائق فيعظمونهما (4) وينظران إلى أنفسهما فيعجبان منها ويقولان:
يا ربنا أنى لنا هذه ولم تبلغها أعمالنا؟
فيقول الله تعالى: ومع هذا تاج الكرامة، لم ير مثله الراؤن، ولا يسمع بمثله السامعون، ولا يتفكر في مثله المتفكرون.
فيقال (5): هذا بتعليمكما ولدكما القرآن، وتبصير كما إياه بدين الاسلام ورياضتكما إياه على حب محمد رسول الله وعلي ولي الله، وتفقيهكما إياه بفقههما لأنهما اللذان لا يقبل الله لاحد إلا بولايتهما ومعاداة أعدائهما عملا، وإن كان ملء ما بين الثرى إلى العرش ذهبا تصدق به في سبيل الله.