فأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله - وأبو جهل ينظر إليه - صرة منها فقال: ائتوني بفلان بن فلان. فاتي به - وهو صاحبها - فقال صلى الله عليه وآله: هاكها يا فلان [هذا] ما قد اختانك فيه أبو جهل.
فرد عليه ماله، ودعا بآخر، ثم بآخر حتى رد العشرة آلاف كلها على أربابها، وفضح عندهم أبو جهل، وبقيت الثلاثمائة دينار بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله.
فقال رسول الله: الآن آمن لتأخذ الثلاثمائة دينار، ويبارك الله لك فيها حتى تصير أيسر قريش. فقال: لا أومن، ولكن آخذها وهي مالي، فلما ذهب ليأخذها صاح النبي صلى الله عليه وآله بالدجاجة: دونك أبا جهل، فكفيه عن الدنانير، وخذيه.
فوثبت الدجاجة على أبي جهل، فتناولته بمخالبها ورفعته في الهواء، وطارت به إلى سطح لبيته فوضعته عليه، ودفع رسول الله صلى الله عليه وآله تلك الدنانير إلى بعض فقراء المؤمنين ثم نظر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أصحابه فقال لهم:
معاشر أصحاب محمد هذه أية أظهرها ربنا عز وجل لأبي جهل، فعاند، وهذا الطير الذي حيي يصير من طيور الجنة الطيارة (1) عليكم فيها، فان فيها طيورا كالبخاتي (2) عليها من [جميع] أنواع المواشي (3) تطير بين سماء الجنة وأرضها، فإذا تمنى مؤمن محب للنبي وآله الاكل [من شئ] منها، وقع ذلك بعينه بين يديه، فتناثر ريشه وانسمط (4) وانشوى وانطبخ، فأكل من جانب منه [قديدا (5) ومن جانب منه] مشويا بلا نار