وبخلت، فوضعتها تحت ذيلك، وأرخيت عليها ذيلك حتى انصرف عنك.
فقال أبو جهل: كذبت يا محمد، ما من هذا قليل ولا كثير، ولا أكلت من دجاجة ولا ادخرت منه شيئا، فما الذي فعلته بعد أكلي الذي زعمته؟
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: كان عندك ثلاثمائة دينار لك، وعشرة آلاف دينار ودائع الناس عندك: المائة، والمائتان، والخمسمائة، والسبعمائة، والألف، ونحو ذلك إلى تمام عشرة آلاف، مال كل واحد في صرة، وكنت قد عزمت على أن تختانهم (1) وقد كنت جحدتهم ومنعتهم، واليوم لما أكلت من هذه الدجاجة أكلت زورها (2) وادخرت الباقي، ودفنت هذا المال أجمع مسرورا فرحا باختيانك عباد الله، واثقا بأنه قد حصل لك، وتدبير الله في ذلك خلاف تدبيرك.
فقال أبو جهل: وهذا أيضا يا محمد، فما أصبت منه قليلا ولا كثيرا، ما دفنت شيئا، ولقد سرقت (3) تلك العشرة آلاف دينار الودائع التي كانت عندي.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا أبا جهل ما هذا من تلقائي فتكذبني، وإنما هذا جبرئيل الروح الأمين يخبرني به عن رب العالمين، وعليه تصحيح شهادته وتحقيق مقالته.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: هلم (4) يا جبرئيل بالدجاجة التي أكل منها.
فإذا الدجاجة بين يدي رسول الله.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أتعرفها يا أبا جهل؟ فقال أبو جهل: ما أعرفها وما أخبرت عن شئ، ومثل هذه الدجاجة المأكول بعضها في الدنيا كثير.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا أيتها الدجاجة إن أبا جهل قد كذب محمدا على جبرئيل، وكذب جبرئيل على رب العالمين، فاشهدي لمحمد بالتصديق، وعلى أبي جهل بالتكذيب، فنطقت