يخرج منها. فما زالت كذلك حتى طبقت الأرض وملأتها، ومسنا من شدة حرها حتى سمعنا لجلودنا نشيشا (1) من شدة حرها، وأيقنا بالاشتواء والاحتراق [وعجبنا بتأخر رؤيتنا] (2) بتلك النيران.
فبينا نحن كذلك إذ رفع لنا في الهواء شخص امرأة قد أرخت خمارها، فتدلى طرفه إلينا بحيث تناله أيدينا، وإذا مناد من السماء ينادينا: إن أردتم النجاة فتمسكوا ببعض أهداب هذا الخمار.
فتعلق كل واحد منا بهدبة من أهداب ذلك الخمار، فرفعتنا في الهواء ونحن نشق جمر النيران ولهبها لا يمسنا شررها (3) ولا يؤذينا جمرها (4) ولا نثقل على الهدبة التي تعلقنا بها، ولا تنقطع (5) الأهداب في أيدينا على دقتها.
فما زالت كذلك حتى جازت بنا تلك النيران، ثم وضع كل واحد منا في صحن داره سالما معافي، ثم خرجنا فالتقينا، فجئناك عالمين بأنه لا محيص عن دينك، ولا معدل عنك، وأنت أفضل من لجئ إليه، واعتمد بعد الله عليه، صادق في أقوالك حكيم في أفعالك.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لأبي جهل: هذه الفرقة الثانية قد أراهم الله آياته (6).
قال أبو جهل: حتى أنظر الفرقة الثالثة وأسمع مقالتها.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله لهذه الفرقة الثانية لما آمنوا: يا عباد الله إن الله أغاثكم بتلك المرأة أتدرون من هي؟ قالوا: لا.