فلا يزال يمدهما حتى يمدهما بألف مارد، فيأتونه، فكلما راموه ذكر الله، وصلى على محمد وآله الطيبين لم يجدوا عليه طريقا ولا منفذا.
قالوا لإبليس: ليس له غيرك تباشره بجنودك فتغلبه وتغويه، فيقصده إبليس بجنوده.
فيقول الله تعالى للملائكة: " هذا إبليس قد قصد عبدي فلانا، أو أمتي فلانة بجنوده ألا فقاتلوهم " فيقاتلهم بإزاء كل شيطان رجيم منهم، مائة [ألف] ملك، وهم على أفراس من نار بأيديهم سيوف من نار ورماح من نار، وقسي ونشاشيب (1) وسكاكين وأسلحتهم من نار، فلا يزالون يخرجونهم ويقتلونهم بها، ويأسرون إبليس، فيضعون عليه تلك الأسلحة فيقول: يا رب وعدك وعدك، قد أجلتني إلى يوم الوقت المعلوم.
فيقول الله تعالى للملائكة: " وعدته أن لا أميته، ولم أعده أن لا أسلط عليه السلاح والعذاب والآلام، اشتفوا (2) منه ضربا بأسلحتكم فاني لا أميته " فيثخنونه بالجراحات ثم يدعونه، فلا يزال سخين العين (3) على نفسه وأولاده المقتولين، ولا يندمل شئ من جراحاته إلا بسماعه أصوات المشركين بكفرهم.
فان بقي هذا المؤمن على طاعة الله وذكره، والصلاة على محمد وآله، بقي على إبليس تلك الجراحات، وإن زال العبد عن ذلك، وانهمك في مخالفة الله عز وجل ومعاصيه، اندملت جراحات إبليس، ثم قوي على ذلك العبد حتى يلجمه ويسرج على ظهره ويركبه، ثم ينزل عنه ويركب على ظهره شيطانا من شياطينه، ويقول لأصحابه:
أما تذكرون ما أصابنا من شأن هذا؟ ذل وانقاد لنا الآن حتى صار يركبه هذا.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: فان أردتم أن تديموا على إبليس سخنة عينه وألم جراحاته فداوموا على طاعة الله وذكره، والصلاة على محمد وآله، وإن زلتم عن ذلك كنتم