قال عليه السلام: وكان الله عز وجل أمر اليهود في أيام موسى وبعده إذا دهمهم أمر، ودهتهم داهية أن يدعوا الله عز وجل بمحمد وآله الطيبين، وأن يستنصروا بهم، وكانوا يفعلون ذلك حتى كانت اليهود من أهل المدينة قبل ظهور محمد صلى الله عليه وآله بسنين كثيرة يفعلون ذلك، فيكفون (1) البلاء والدهماء والداهية.
وكانت اليهود قبل ظهور محمد النبي صلى الله عليه وآله بعشر سنين يعاديهم (2) أسد وغطفان - قوم من المشركين - ويقصدون أذاهم، وكانوا يستدفعون شرورهم وبلاءهم بسؤالهم ربهم بمحمد وآله الطيبين، حتى قصدهم في بعض الأوقات أسد وغطفان في ثلاثة آلاف فارس إلى بعض قرى اليهود حوالي المدينة، فتلقاهم اليهود وهم ثلاثمائة فارس، ودعوا الله بمحمد وآله الطيبين الطاهرين فهزموهم وقطعوهم.
فقال أسد وغطفان بعضهما لبعض: تعالوا نستعين عليهم بسائر القبائل. فاستعانوا عليهم بالقبائل وأكثروا حتى اجتمعوا قدر ثلاثين ألفا، وقصدوا هؤلاء الثلاثمائة في قريتهم، فألجأوهم إلى بيوتها وقطعوا عنها المياه الجارية التي كانت تدخل إلى قراهم، ومنعوا عنهم الطعام، واستأمن اليهود منهم فلم يؤمنوهم، وقالوا: لا، إلا أن نقتلكم ونسبيكم وننهبكم.
فقالت اليهود بعضها لبعض: كيف نصنع؟
فقال لهم أماثلهم وذوو الرأي منهم: أما أمر موسى عليه السلام أسلافكم ومن بعدهم بالاستنصار بمحمد وآله؟ أما أمركم بالابتهال إلى الله تعالى عند الشدائد بهم؟
قالوا: بلى. قالوا: فافعلوا.
فقالوا: اللهم بجاه محمد وآله الطيبين لما سقيتنا، فقد قطعت الظلمة عنا المياه حتى ضعف شباننا، وتماوتت (3) ولداننا، وأشرفنا على الهلكة.