وقد عرفت الاجماع على خلافه، وأن العمل بها مشروط بشرط أو شروط لم يذكر فيها، أو بارتفاع مانع أو موانع لم يذكر فيها، وأن التردد بين هذين الاحتمالين يكفي في التردد في الإذن، بل عرفت الاجماع قولا وفعلا على اشتراطها زمن ظهور الإمام بإذنه، لخصوص إمام في إمامتها، فما الذي أذن فيها مطلقا في زمن الغيبة مع ورود الأخبار من الظهر.
على أنك عرفت أنه لا بد من إذن كل إمام لرعيته أو عموم الإذن لإمام من الأئمة لجميع الأزمان، ولا يوجد شئ منهما زمن الغيبة، وسمعت خبري سماعة وابن مسلم الظاهرين في عدم عموم الإمام لكل من يصلح إماما في الجماعة.
والقول الآخر: الجواز - أي التخيير بين الجمعة والظهر - وهو قول الشيخ في النهاية (1) والمبسوط (2) والقاضي (3) وابني سعيد (4)، والمصنف في المختلف (5) والنهاية (6) والتذكرة: إنه المشهور (7)، ودليله وجوه:
منها: أصل الجواز، وعدم الاشتراط إلا بما يشترط به الظهر، خرج ما أجمع على اشتراطه فيها زيادة على ما في الظهر، ويبقى غيره على العدم. والأصل جواز الإمامة فيها لكل من يستجمع صفات إمام الجماعة إلى أن يدل دليل على اشتراط صفة لإمامها زائدة على ما يعتبر في سائر الجماعات، وجواز الائتمام بمن كان كذلك.
وفيه: إنه كيف يكون الأصل جواز اسقاط ركعتين من الظهر، إلا أن يأول إلى أحد الأصلين الآتيين من الاستصحاب، وأصل عدم وجوب الأربع، وأنهم أجمعوا على صفة زائدة لإمامها عند ظهور الإمام، وهي إذنه له خاصة فيها. ولذا لم يكونوا: وأصحابهم يصلونها منذ قبضت أيديهم، والأصل بقاء هذا الشرط