إمامة الجمعة، فما لم يقطع به يصلي الظهر تحرزا عن غصب منصب الإمام والاقتداء بغاصبه وفعل عبادة غير مشروعة، خصوصا وظاهر الأصحاب وصريح المصنف الاجماع على أن الجمعة إنما تجب في الغيبة تخييرا، ففعلها مردد بين الحرمة والجواز.
وكل أمر تردد بينهما وجب الاجتناب عنه حتى نعلم الجواز، وهو ضروري عقلا ودينا. وغاية الأمر أن يتردد فعلها بين الوجوب عينا والحرمة والواجب في كل أمر كذلك أيضا الاجتناب، لأن الأصل عدم الوجوب، والناس في سعة مما لا يعلمون، فالتارك لاحتمال الحرمة والجهل بالوجوب معذور، بخلاف الفاعل، لاحتماله الوجوب أو ظنه مع احتماله الحرمة.
لا يقال: الأربع ركعات أيضا مترددة بين الوجوب والحرمة إن قلنا بتعين الجمعة ركعتين لا التخيير بينهما.
لأنا نقول: نعم، ولكنا مضطرون إلى فعل أحدهما متحيرون إذا في الترجيح، فإما أن نتأمل حتى نرجح أحدهما أو نأتي بهما جميعا، وإذا تأملنا وجدنا الأربع أرجح، إذ ليس فيها غصب لمنصب الإمام ولا اقتداء بغاصبه، وفيها تأسي بالأئمة عليه السلام فإنهم منذ قبضت أيديهم لم يكونوا يصلون ولا أصحابهم إلا الأربع، فنحن نصليها حتى تنبسط يد إمامنا عليه السلام إن شاء الله.
ولما غفل المصنف في المختلف (1) ومن بعده عما هو ضروري العقول والأديان من اشتراط إذن الإمام في كل إمامة وائتمام، وفي كل عبادة، ولم يتفطنوا إلا بالاجتماع على اشتراط إمام الجمعة خاصة بإذنه. أجابوا عن هذا الدليل بمنع الاجماع عليه في الغيبة، وربما منعه بعضهم في زمن الظهور وطول متأخروهم في ذلك غاية التطويل، وملؤا القراطيس بالأباطيل.