قلنا: أما على التخيير فالجواب ظاهر لحصول اليقين بالبراءة بالأربع قطعا، وأما الركعتان فإنما يحصل اليقين بالبراءة بهما إذا حصل اليقين بالتخيير، وأما على ما يحتمل من الوجوب عينا فنقول: من المعلوم اشتراط صحة الركعتين وحصول البراءة بهما بإمام مأذون في إمامته، بخلاف الأربع فلا شرط لها، فما دام الشك في وجود إمام كذلك يحصل اليقين بالبراءة بالأربع دون الركعتين، ويؤكد الأمرين استمرار فعل الأئمة عليهم السلام وأصحابهم الأربع من زمن سيد العابدين عليه السلام.
وأجاب الشهيد - وفاقا للمختلف (1) - بأنه يكفي في البراءة الظن الشرعي، وإلا لزم التكليف بغير المطاق، وخبر الواحد مقطوع العمل (2).
وفيه: إنه إنما يكفي إذا انتفى الطريق إلى العلم، وقد عرفت العلم بالبراءة بالأربع خصوصا على التخيير، فلا يترك بالظن بالبراءة بالركعتين. وإن تنزلنا قلنا:
الأمر متردد بين تعين الأربع وتعين الركعتين، ثم تأملنا فلم نر دليلا على تعين الركعتين إلا ما يتوهم من ظاهر الأخبار، وقد عرفت أنها لا تدل على الإذن فضلا عن التعيين، وإذا لم تدل على الإذن تعينت الأربع ضرورة، وإذا لم يدل على التعيين تعينت الأربع احتياطا.
وإن قال: إذا تأملنا لم نجد دليلا على تعين الأربع إلا عدم الإذن في سقوط ركعتين وفي الإمامة والاتمام وفي الخطبة، ويدفعها ظواهر الأخبار، مع أنه لا دليل على ثبوت الركعتين لتفتقر إلى الدليل على سقوطهما.
قلنا: لا خلاف في ثبوت الركعتين مع الركعتين إذا انتفت الجماعة أو الخطبتان، ولا خلاف في أنها إنما تثبت بإذن الشارع، والأخبار كما عرفت إنما تدل على أن في الوجود جمعة ثنائية، وهو لا يجدي إلا أخبارا ثلاثة تحتمل الأمر بها أو إباحتها، لكنها إنما تفيد - إن أمكن العمل بها - على إطلاقها.