وجاء عن علي رضي الله عنه قال: إن للخصومات قحما.
قلت: القحم بضم القاف وفتح الحاء الحاء المهملة: هي المهالك.
فصل: يكره التقعير في الكلام بالتشدق وتكلف السجع والفصاحة والتصنع بالمقدمات التي يعتادها المتفاصحون وزخارف القول، فكل ذلك من التكلف المذموم، وكذلك تكلف السجع، وكذلك التحري في دقائق الإعراب ووحشي اللغة في حال مخاطبة العوام، بل ينبغي أن يقصد في مخاطبته لفظا يفهمه صاحبه فهما جليا ولا يستثقله.
1120 - روينا في كتابي أبي داود والترمذي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: " إن الله يبغض البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه كما تتخلل البقرة " قال الترمذي: حديث حسن.
1121 - وروينا في " صحيح مسلم " عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: " هلك المتنطعون " قالها ثلاثا. قال العلماء: يعني بالمتنطعين: المبالغين في الأمور.
112 - وروينا في كتاب الترمذي عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال:
" إن من أحبكم إلي، وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة، أحاسنكم أخلاقا، وإن أبغضكم إلي، وأبعدكم مني يوم القيامة، الثرثارون والمتشدقون والمتفيقهون "، قالوا:
يا رسول الله قد علمنا الثرثارون والمتشدقون، فما المتفيقهون؟ قال: المتكبرون " قال الترمذي: هذا حديث حسن. قال: والثرثار: هو الكثير الكلام. والمتشدق: من يتطاول على الناس في الكلام ويبذو عليهم.
واعلم أنه لا يدخل في الذم تحسين ألفاظ الخطب والمواعظ إذا لم يكن فيها إفراط وإغراب، لان المقصود منها تهييج القلوب إلى طاعة الله عز وجل، ولحسن اللفظ في هذا أثر ظاهر.
فصل: ويكره لمن صلى العشاء الآخرة أن يتحدث بالحديث المباح في غير هذا الوقت، وأعني بالمباح الذي استوى فعله وتركه، فأما الحديث المحرم في غير هذا الوقت أو المكروه، فهو في هذا الوقت أشد تحريما وكراهة، وأما الحديث في الخير، كمذاكرة العلم، وحكايات الصالحين، ومكارم الأخلاق، والحديث مع الضيف فلا