فصل: يكره منع من سأل بالله تعالى وتشفع به.
1118 - روينا في سنن أبي داود والنسائي بأسانيد الصحيحة عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " من استعاذ بالله فأعيذوه، ومن سأل بالله تعالى فأعطوه، ومن دعاكم فأجيبوه، ومن صنع إليكم معروفا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه ".
فصل: الأشهر أنه يكره أن يقال: أطال الله بقاءك. قال أبو جعفر النحاس في كتابة " صناعة الكتاب ": كره بعض العلماء قولهم: أطال الله بقاءك، ورخص فيه بعضهم. قال إسماعيل بن إسحاق: أول من كتب " أطال الله بقاءك " الزنادقة. وروي عن حماد بن سلمة رضي الله عنه أن مكاتبة المسلمين كانت: من فلان إلى فلان: أما بعد، سلام عليك، فإني أحمد الله الذي لا إله إلا هو، وأسأله أن يصلي على محمد وعلى آل محمد، ثم أحدثت الزنادقة هذه المكاتبات التي أولها: أطال الله بقاءك.
فصل: المذهب الصحيح المختار أنه لا يكره قول الإنسان لغيره: فداك أبي وأمي، أو جعلني الله فداك، وقد تظاهرت على جواز ذلك الأحاديث المشهورة التي في " الصحيحين " وغيرهما، وسواء كان الأبوان مسلمين أو كافرين، وكره ذلك بعض العلماء إذا كانا مسلمين. قال النحاس: وكره مالك بن أنس: جعلني الله فداك، وأجازه بعضهم. قال القاضي عياض: ذهب جمهور العلماء إلى جواز ذلك، سواء كان المفدي به مسلما أو كافرا.
قلت: وقد جاء من الأحاديث الصحيحة في جواز ذلك ما لا يحصى، وقد نبهت على جمل منها في " شرح صحيح مسلم ".
فصل: ومما يذم من الألفاظ: المراء، والجدال، والخصومة. قال الإمام أبو حامد الغزالي: المراء: طعنك في كلام الغير لاظهار خلل فيه لغير غرض سوى تحقير قائله، وإظهار مزيتك عليه، قال: وأما الجدال، فعبارة عن أمر يتعلق بإظهار المذاهب وتقريرها، قال: وأما الخصومة، فلجاج في الكلام ليستوفي به مقصوده من مال أو غيره، وتارة يكون ابتداء، وتارة يكون اعتراضا، والمراء لا يكون إلا اعتراضا، هذا كلام الغزالي.
واعلم أن الجدال قد يكون بحق وقد يكون بباطل، قال الله تعالى: (ولا تجادلوا