فإن لم يخف الرياء، فالجهر أفضل، بشرط أن لا يؤذي غيره من مصل، أو نائم أو غيرهما. ودليل فضيلة الجهر، أن العمل فيه أكبر، لأنه يتعدى نفعه إلى غيره، ولأنه يوقظ قلب القارئ، ويجمع همه إلى الفكر، ويصرف سمعه إليه، ولأنه يطرد النوم ويزيد في النشاط، ويوقظ غيره من نائم وغافل، وينشطه، فمتى حضره شئ من هذه النيات فالجهر أفضل.
[فصل]: ويستحب تحسين الصوت بالقراءة وتزيينها (1) ما لم يخرج عن حد القراءة بالتمطيط، فإن أفرط حتى زاد حرفا أو أخفى حرفا، هو حرام (2). وأما القراءة بالألحان، فهي على ما ذكرناه إن أفرط، فحرام، وإلا فلا، والأحاديث بما ذكرناه في تحسين الصوت كثيرة مشهورة في الصحيح وغيره; وقد ذكرت في آداب القراء قطعة منها.
[فصل]: ويستحب للقارئ إذا ابتدأ من وسط السورة أن يبتدئ من أول الكلام المرتبط بعضه بعض، وكذلك إذا وقف يقف على المرتبط وعند انتهاء الكلام، ولا يتقيد في الابتداء ولا في الوقف بالأجزاء والأحزاب والأعشار، فإن كثيرا منها في وسط الكلام المرتبط، ولا يغتر الإنسان بكثرة الفاعلين لهذا الذي نهينا عنه ممن لا يراعي هذه الآداب، وامتثل ما قاله السيد الجليل أبو علي الفضيل بن عياض رحمة الله عنه: لا تستوحش طرق الهدى لقلة أهلها، ولا تغتر بكثرة السالكين الهالكين، ولهذا المعنى قال العلماء:
قراءة سورة بكمالها أفضل من قراءة قدرها من سورة طويلة، لأنه قد يخفى الارتباط على كثير من الناس أو أكثرهم في بعض الأحوال والمواطن.
[فصل]: ومن البدع المنكرة ما يفعله كثيرون من جهلة المصلين بالناس التراويح من