وفي الحديث جواز إطلاق مولاي أيضا.
وأما ما أخرجه مسلم والنسائي من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة في هذا الحديث نحوه وزاد: ((ولا يقل أحدكم مولاي فإن مولاكم الله ولكن ليقل سيدي)) فقد بين مسلم الاختلاف في ذلك على الأعمش وأن منهم من ذكر هذه الزيادة ومنهم من حذفها وقال عياض حذفها أصح وقال القرطبي المشهور حذفها. قال: وإنما صرنا إلى الترجيح للتعارض مع تعذر الجمع وعدم العلم بالتاريخ انتهى.
ومقتضى ظاهر هذه الزيادة أن إطلاق السيد أسهل من إطلاق المولى وهو خلاف المتعارف، فإن المولى يطلق على أوجه متعددة منها الأسفل والأعلى والسيد لا يطلق إلا على، الأعلى فكان إطلاق المولى أسهل وأقرب إلى عدم الكراهة والله تعالى أعلم.
وقد رواه محمد بن سيرين عن أبي هريرة فلم يتعرض للفظ المولى إثباتا ولا نفيا أخرجه أبو داود والنسائي والمصنف في الأدب المفرد بلفظ: ((لا يقولن أحدكم عبد ولا أمتي ولا يقل المملوك ربي وربتي ولكن ليقل المالك فتاي وفتاتي والمملوك سيدي وسيدتي فإنكم المملوكون والرب الله تعالى)) ويحتمل أن يكون المراد النهي عن الإطلاق كما تقدم من كلام الخطابي.
ويؤكد كلامه حديث ابن الشخير المذكور والله أعلم. وعن مالك تخصيص الكراهة بالنداء فيكره أن يقول يا سيدي ولا يكره في غير النداء انتهى.
قلت: حديث عبد الله بن الشخير رواه أحمد وأبو داود والنسائي والبخاري في الأدب المفرد واللفظ للبخاري حدثنا مسدد قال حدثنا بشر بن المفضل حدثنا أبو مسلمة عن أبي نضرة عن مطرف قال: قال أبي: ((انطلقت في وفد بني عامر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: أنت سيدنا قال: السيد الله قالوا: وأفضلنا فضلا وأعظمنا طولا قال: فقال قولوا بقولكم ولا يستجرينكم [أي لا يتخذكم وكلاء] الشيطان " انتهى.
قال الحافظ رجاله ثقات. وقد صححه غير واحد ويمكن الجمع بأن يحمل النهي عن ذلك على إطلاقه على غير المالك والإذن بإطلاقه على المالك. وقد كان بعض أكابر العلماء يأخذ بهذا ويكره أن يخاطب أحدا بلفظه أو كتابته بالسيد ويتأكد هذا إذا كان المخاطب غير تقي لحديث بريدة مرفوعا ((لا تقولوا للمنافق سيدا)) الحديث أخرجه أبو داود وغيره انتهى كلامه.
قلت: هذا الجمع والتوفيق ليس بقوي وفيه وجوه أخر فيطلب من غاية المقصود شرح سنن أبي داود والله أعلم.