ولفظ ابن شبة: فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال لي دونه يا علقمة إذا بلغت بلاد بني ضمرة فكن من أخيك من حذر فإني قد سمعت قول القائل أخوك البكري لا تأمنه (فاحذره) أي خفه يشبه أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم خاف من عمرو بن أمية ولم يأمن منه من أن يخبر قومه بالمال الذي مع عمرو بن الفغواء ويشيرهم الله بأخذ المال فيقطعون الطريق ويجادلون عمرو بن الفغواء ويغلبونه ويأخذون المال عنه بالقهر والظلم، ولعل هذا الخوف من عمرو بن أمية وعدم الطمأنينة كان في أول الاسلام ثم صار بعد ذلك من خيار الصحابة وأجلائهم والله أعلم (فإنه) أي الشأن (أخوك البكري) بكسر الباء أول ولد الأبوين أي أخوك شقيقك احذره (فلا تأمنه) فضلا عن الأجنبي فأخوك مبتدأ والبكري نعته والخبر محذوف تقديره يخاف منه، والقصد التحذير من الناس حتى الأقرب كذا في السراج المنير.
وقال الخطابي: هذا مثل مشهور للعرب وفيه إثبات الحذر واستعمال سوء الظن وأن ذلك إذا كان على وجه طلب السلامة من شر الناس لم يأثم به صاحبه انتهى.
والحاصل أنه لا ينبغي أن يعتمد حق الاعتماد في السفر على كل أحد من الناس لان النية قد تتبدل بأدنى أحوال وتتغير بأقل شئ فلا يعتبر بها، بل لا بد لكل عابر سبيل أن يراعى حاله ويحفظ متاعه ولا يتكل على غيره.
(فخرجنا حتى إذا كنت بالأبواء) بفتح الهمزة وسكون الباء والمد جبل بين مكة والمدينة وعنده بلد ينسب إليه كذا في النهاية. وفي مراصد الاطلاع: الأبواء قرية من أعمال الفرع من المدينة بينها وبين الجحفة مما يلي المدينة ثلاثة وعشرون ميلا، وقيل جبل عن يمين المصعد إلى مكة من المدينة انتهى. (قال) أي عمرو بن أمية (إني أريد حاجة إلى قومي) والظاهر أن عمرا ليس له حاجة إلى قومه إلا اخباره لقومه بالمال (بودان) بفتح الواو وتشديد الدال قرية جامعة قريبا من الجحفة (فتلبث) أي تمكث وتقف (قلت راشدا) أي سر راشدا. قال في المصباح الرشد الصلاح وهو خلاف الغي والضلال وهو إصابة الصواب انتهى (فلما ولى) أي أدبر عمرو بن أمية وذهب إلى قومه (ذكرت قول النبي صلى الله عليه وسلم) أي إذا هبطت بلاد قومه فاحذره