الشفق، بل في رواية سالم أن ابن عمر سار بعد غيوب الشمس ميلين أو ثلاثة أميال ثم نزل فصلى، فروايات هؤلاء الثقات الأثبات مقدمة عند التعارض ومفسرة لإبهام رواية غيرهم انتهى مختصرا من غاية المقصود.
(إذا ارتحل) في سفره (قبل أن تزيغ الشمس) أي قبل الزوال (قبل أن يرتحل صلى الظهر) أي وحده وهو المحفوظ من رواية عقيل في الصحيحين، ومقتضاه أنه كان لا يجمع بين الصلاتين إلا في وقت الثانية منهما، وبه احتج من أبى جمع التقديم لكن روى إسحاق بن راهويه من هذا الحديث عن شبابة بن سوار عن الليث عن عقيل عن الزهري عن أنس وفيه " إذا كان في سفر فزالت الشمس صلى الظهر والعصر جميعا ثم ارتحل أخرجه الإسماعيلي وأعل بتفرد إسحاق بذلك عن شبابة بن سوار، ثم تفرد جعفر الفريابي به عن إسحاق وليس ذلك بقادح فإنهما إمامان حافظان. وقال النووي إسناده صحيح كذا في الفتح والتلخيص. وأخرج الحاكم في الأربعين حدثنا محمد بن يعقوب هو الأصم حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني وهو أحد شيوخ مسلم حدثنا حسان بن عبد الله الواسطي عن المفضل بن فضالة عن عقيل عن ابن شهاب عن أنس " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت العصر ثم نزل فجمع بينهما فإن زاغت الشمس قبل أن يرتحل صلى الظهر والعصر ثم ركب. قال الحافظ سنده صحيح. وقال الحافظ صلاح الدين العلائي سنده جيد. وفي رواية أبي نعيم في مستخرجه على صحيح مسلم كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان في سفر فزالت الشمس صلى الظهر والعصر جميعا ثم ارتحل فقد أفادت رواية الإسماعيلي والحاكم وأبي نعيم ثبوت جمع التقديم من فعله صلى الله عليه وسلم ولا يتصور فيه الجمع الصوري، وهذه الروايات صحيحة كما قال الحافظ في بلوغ المرام والفتح إلا أنه شمس الدين ابن القيم اختلف في رواية الحاكم فمنهم من صححها ومنهم من حسنها ومنهم من قدح فيها وجعلها موضوعة وهو الحاكم فإنه حكم بوضعه، ثم ذكر كلام الحاكم في وضع الحديث ثم رده شمس الدين ابن القيم واختار أنه ليس بموضوع، وسكوت ابن حجر هنا عليه وجزمه بأنه بإسناد صحيح يدل على رده لكلام الحاكم.