عن علي بن زيد لكن هذا لفظ ابن علية دون حماد (فأقام) أي مكث (يقول) أي بعد تسليمه خطابا للمقتدين به (يا أهل البلد صلوا أربعا) أي أتموا صلاتكم (فإنا) أي فإني وأصحابي (سفر) بسكون الفاء جمع سافر، كركب وصحب أي مسافرون. قال الطيبي: الفاء هي الفصيحة لدلالتها على محذوف هو سبب لما بعد الفاء أي صلوا أربعا ولا تقتدوا بنا فإنا سفر، كقوله تعالى: (فانفجرت) أي فضرب فانفجرت. قال الخطابي: هذا العدد جعله الشافعي حدا في القصر لمن كان في حرب يخاف على نفسه العدو، وكذلك كان حال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أيام مقامه بمكة عام الفتح، فأما في حال الأمن فإن الحد في ذلك عنده أربعة أيام فإذا أزمع مقام أربع أتم الصلاة، وذهب في ذلك إلى مقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حجه بمكة، وذلك أنه دخلها يوم الأحد وخرج منها يوم الخميس كل ذلك يقصر الصلاة، فكان مقامه أربعة أيام. وقد روي عن عثمان أنه قال: " من أزمع مقام أربع فليتم " وهو قول مالك بن أنس وأبي ثور، واختلفت الروايات عن ابن عباس في مقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة عام الفتح، فروي عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام سبع عشر بمكة يقصر الصلاة، وعنه أقام تسع عشرة وعنه أنه أقام خمس عشرة، وكل قد ذكره أبو داود على اختلافه، فكان خبر عمران بن حصين أصحها عند الشافعي وأسلمها من الاختلاف فصار إليه. وقال أصحاب الرأي وسفيان الثوري إذا أجمع المسافر مقام خمس عشرة أتم الصلاة، ويشبه أن يكونوا ذهبوا إلى إحدى الروايات عن ابن عباس، وقال الأوزاعي إذا أقام اثني عشرة ليلة أتم الصلاة، وروي ذلك عن ابن عمر.
وقال الحسن بن صالح بن حي إذا عزم مقام عشر أتم الصلاة، وأراه ذهب إلى حديث أنس بن مالك، ورواه أبو داود انتهى. قال المنذري: وأخرجه الترمذي بنحوه. وقال حسن صحيح.
هذا آخر كلامه. وفي إسناده علي بن زيد بن جدعان، وقد تكلم فيه جماعة من الأئمة، وقال بعضهم هو حديث لا تقوم به حجة لكثرة اضطرابه.
(أقام سبع عشرة بمكة) بتقديم السين قبل الباء، لكن في رواية البخاري من طريق أبي عوانة عن عاصم وحصين عن عكرمة عن ابن عباس بلفظ تسع عشرة بتقديم التاء قبل السين