(إلا في الاستسقاء) قال في النيل: ظاهره نفي الرفع في كل دعاء غير الاستسقاء وهو معارض للأحاديث الثابتة في الرفع في غير الاستسقاء وهي كثيرة وقد أفردها البخاري بترجمة في كتاب الدعوات وساق فيها عدة أحاديث وصنف المنذري في ذلك جزءا. وقال النووي هي أكثر من أن تحصر قال وقد جمعت منها نحوا من ثلاثين حديثا من الصحيحين أو أحدهما قال وذكرتها في آخر باب صفة الصلاة في شرح المهذب. انتهى. فذهب بعض أهل العلم إلى أن العمل بها أولى، وحمل حديث أنس على نفي رؤيته وذلك لا يستلزم نفي رؤية غيره، وذهب آخرون إلى تأويل حديث أنس المذكور لأجل الجمع بأن يحمل النفي على جهة مخصوصة إما على الرفع البليغ، ويدل عليه قوله: حتى يرى بياض إبطيه، ويؤيده أن غالب الأحاديث التي وردت في رفع اليدين في الدعاء إنما المراد بها مد اليدين وبسطهما عند الدعاء، وكأنه عند الاستسقاء زاد على ذلك فرفعهما إلى جهة وجهة حتى حاذتاه وحينئذ يرى بياض إبطيه، وإما على صفة رفع اليدين في ذلك كما في رواية مسلم المذكورة ولأبي داود من حديث أنس " كان يستسقي هكذا ومد يديه وجعل بطونهما مما يلي الأرض حتى رأيت بياض إبطيه " كما سيأتي.
والظاهر أنه ينبغي البقاء على النفي المذكور عن أنس فلا ترفع اليد في شئ من الأدعية إلا في المواضع التي ورد فيها الرفع ويعمل فيما سواها بمقتضى النفي وتكون الأحاديث الواردة في الرفع في غير الاستسقاء أرجح من النفي المذكور في حديث أنس إما لأنها خاصة فيبنى العام على الخاص أو لأنها مثبتة وهي أولى من النفي. وغاية ما في حديث أنس أنه نفى الرفع فيما يعلمه، ومن علم حجة على من لم يعلم انتهى كلامه. والحق أن أنسا لم ينف رفع اليدين في الدعاء بل إنما مراده أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يبالغ في الرفع رفعا بليغا فوق حذاء الصدر بحيث يجعل بطون يديه مما يلي الأرض حتى يرى بياض إبطيه إلا في الاستسقاء والله أعلم. قال المنذري:
وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة.
(ومد يديه وجعل بطونهما إلخ) قال جماعة من العلماء: والسنة في كل دعاء لرفع بلاء